ولقد خشيت الفضيحة فحاولت أن ألوذ بالفرار، ولكني حين هممت بفتح الباب غشيت عيناي فلم أعد أبصر شيئاً. ولقد زاد في ارتباكي أني سمعت وقع أقدام متجهة نحوي. . . إنه رب البيت. لقد نبهه صوت وقوع (نانو) فجاء يستطلع الخبر. يا للكارثة! إنه يحمل في يده عصا غليظة لو أهوى بها على جدار لدكه. ولقد حاولت أن أجد لنفسي مفراً ولكن سهمي قد طاش فلم أعد أدري ما أصنع. ولم أجد بداً من طلب الأمان.
ولقد عجب رب البيت من أمري: إن ملامحي لا تنبئ عن سوء الطوية الذي أتى بي إلى بيته بعد منتصف الليل؟. . هذا سر لم يستطع له تفسيراً. وحاولت أن أفضي له بالحقيقة الواقعة، ولكن هل يصدق أن (نانو) تحب. . إنه سيتهمني بالجنون وسيرميني بالكذب. . ولم أجد بداً من اللجوء إلى الحيلة فادعيت أن كلباً عقوراً تبعني في الشارع وحاصرني فلم أستطع الخلاص منه. واتفق أن مررت بالقرب من باب هذا المنزل فوجدته مفتوحاً، فولجته وسرعان ما اصطدمت بشخص ارتاع من دخولي فسقط مغشياً عليه.
وكانت (نانو) قد أفاقت من غشيتها وسمعت كلامي. ويبدو أن هذا التخلص الحسن قد أعجبها؛ فأنبأت رب البيت بأنها قد نسيت الباب مفتوحاً منذ المساء، وأنها استفاقت عند منتصف الليل وذكرت ما قد نسيت فخرجت تغلقه فكان أن صدفتني.
وقد جازت هذه الحيلة على رب البيت فأحسن بي الظن، ورثى لحالي، وطيب خاطري ثم فتح لي الباب، وتركني أنصرف بسلام.
ولقد خرجت من البيت وآليت على نفسي أن لا أعود إليه ثانية. لقد ألقيت شبكتي طامعاً بالسمكة الجميلة ولكني لم أعثر إلا على سلحفاة بشعة. ولقد خشيت أن ألقيها ثانية فأعثر على ثعبان يقضي على حياتي. لقد خرجت من البيت بعد أن نذرت التوبة عن الحب. نعم لقد تبت ولقد مضى علي سنون عدة ركن قلبي خلالها للسكينة، وارتاح للهدوء لولا بعض نزوات كانت تعتاده في الفترات فيتحرك بين أضلاعه، ويحاول الانطلاق من أغلال التوبة ولكنه سرعان ما يذكر العيون الزرقاء، ويتخيل (نانو) العجوز؛ فيعود إلى هدوئه ويخلد إلى سكينته وهو يقول:(إني تبت عن الحب منذ زمن بعيد. . .)