تطلب منه فيها أن يوافيها إلى محطة القطار. وبعد تردد طويل أجاب طلبها. وما كاد القطار يبلغ المحطة حتى قفزت سنية من العربة وتعلقت به، وانطلقت تطري مقدرته الأدبية، ثم قدمت له مجموعة من الرسائل الأنيقة (الزرقاء) التي كانت موقعة بتوقيع (ممدوح أسعد). ثم سألته عن سر هذا التبدل في أسمه، فأخبرها أن (ممدوح صادق) الاسم الذي يعرف به في المدرسة، و (ممدوح أسعد) أسمه الحقيقي، والذي يعرف به في عالم الأدب
وبعد المقابلة عاد إلى المنزل مهدم الأعصاب، وقد فهم السر. وفتح الدرج الذي اعتاد أن يحفظ به رسائله التي كتبها لسنية، وانطلق يتلوها في خيبة أمل ومرارة، وقبل أن يتم تلاوتها سمع صراخاً وصوت احتشاد أقدام في الشارع. فلما استطلع الخبر علم أن الترام قد قتل الصبي ممدوح أسعد الحلاق. فاستغل هذا الحدث لصالحه ومزق رسائله وألقاها في الموقد، وذهب برسائل ممدوح أسعد إلى مجلة معروفة نشرتها له في أعداد متسلسلة. وبعد بضعة أسابيع قرأ في نفس المجلة خبراً يتعلق بسنية التي كانت قد سافرت مع فرقة تمثيلية إلى مراكش وفاس مفاده أنها تزوجت بأحد تجار الجلود في فاس، وأنها اعتزلت التمثيل. ومنذ ذلك اليوم لم تعد إلى مصر، ولم يسمع عنها ممدوح شيئاً)