قد تكون هذه العلل متجمعة هي بعض أسباب تدهور الفرقة، ولكن العلة الدفينة في نفس المدير دون سواه. هي في نفسه وحده - وإني أتعمد مؤقتاً تجاهل العلة المستوطنة في لجنة القراءة وسأعود إلى شرحها قريبا - لأن حضرة المدير يعتقد اعتقاداً راسخاً أنه لا يوجد بين الستة عشر مليوناً من الأنفس من هو أصلح منه لإدارة الفرقة، وأنه إذا فرض المستحيل ووجد هذا الذي لم تلده أمه بعد، فان حضرة المدير - حفظه الله - (على أتم استعداد للنزول له عن وظيفته) على شرط أن يبقى معه (يعاونه بكل ما في طاقته)
لست أحاول تقصي عوامل هذا الوهم الراسخ والاستمساك الأخطبوطي وتحليلها خشية أن تتفكك أو تنحل عناصر قدسية حضرة المدير المنهادية المتساندة، ولا الإيغال في استكناه بواعث الوهم واستنتاج النتائج، بل أقول: إن رجلاً كائناً من كان يقوم في ذهنه مثل هذا الوهم الباطل القائم على الإيمان المحدود لا يرجى صلاح للمسرح على يديه البتة. إن رجلاً يؤمن إيماناً محدوداً أن كل ما يقدمه للناس هو أكثر مما يتذوقون، وأدسم مما يفهمون، وكفاية على ثقافتهم التي لا تستوعب، ومداركهم التي لا تفقه سوى رواية اليتيمة، وبناتنا سنة ١٩٣٧ وإضرابهما. إن رجلاً كهذا، لا حيلة معه لمائة ناقد وألف ناصح ومشفق على النهضة الأدبية، إذ ليس في وسعهم أن يجعلوا ثقباً في الماء كما يقول الفرنسيون في أمثالهم، ولا أن ينهضوا المقعد الذي قال له المسيح (قم أحمل سريرك وامش) فقام ومشى.
لسنا والحمد لله في زمن العجائب الخارقة، بل نحن في زمن لا نقبل فيه التدجيل والخرافات، ولا عبادة الأصنام، ننظر إلى الماضي لماماً، بيد أن طموحنا إلى المستقبل عظيم نستمده في طموح مليكنا الشاب الجميل، ومن روح الأدب الجميل الذي لا يقر غير الروح الشاب.
هل مدير الفرقة يعوزه الشباب؟ هل لجنة القراءة فتية ينبض دم الشباب في عروقها؟ أو هو وهي شن وطبقة رضى الله عنهما؟؟ سوف نرى.