الحركة وحدها، وإنما الحركة أولاً، ثم وجوب الشعور بها ثانياً. ومن كل الشواهد والأمثلة التي دارت على قلمي المتناظرين تجد أن الإحساس والشعور بالحركة شرط مجاز الزلزلة للشيء المتحرك. ومن هنا نرى أنه لا يجوز لغة القول بأن الأذن تطرب (أو تنفعل) زلزلة، لأنه لا يمكن الإحساس والشعور بحركة اهتزاز طبلة الأذن. . .
على أن تخريج الدكتور بشر بالموضوع طريف، وطرافته تجيء من جهة أن كل عضو من أعضاء الحس تهتز دخائلها. وهذا الاهتزاز حين ينتهي إلى مراكز الإحساس في الدماغ يحدث الشعور بالإحساس. ومن هنا يمكن أن نقول إن العينين تتزلزلان من الجمال. . . ومن الواضح سخافة مثل هذا المجاز!. . .
ومن المهم أن نقول إن نزعة الدكتور بشر فارس التجديدية، وجريه وراء مذهب المجددين المغرقين في تجديدهم في الغرب، هي التي أملت عليه هذه الصورة الشعرية النابية عن الذوق وفن اللغة عامة والمجاز خاصة. ألا ترى بيراندللو يقول في مسرحية له:(واضطربت أذنها وتقلقلت من موسيقى الجاز المزعجة التي كانت تدق في القاعة)(أنظر فردريك نارديللي في كتابه - الإنسان المقدس - حياة وآلام بيراندللو، الترجمة التركية، استانبول ١٩٣٩ ص ١١٨ - ١١٩). إن في هذه الصورة أصلاً لتعبير الدكتور بشر:(أذني زلزلت طرباً)؛ الموروث من طبيعة بدوية، أعرابية، فجاء متخذاً هذا الكساء. والدكتور بشر على الرغم من حبه للتجديد فيه لوثة أعرابية على حد تعبير أسود بن أبي خزيمة (البيان للجاحظ ج ١ ص ٧٠ طبعة مصر)