للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حدود وشروط، لا تكون الجملة صحيحة إلا بمراعاتها فأين تذكر هذه الحدود وتلك الشروط إلا في باب خاص بها؟ ومن الغريب أن المؤلف يدعو في أول كتابه إلى دراسة علاقة الكلمة بالكلمة، والجملة بالجملة، وأحسب أن باب العطف الذي يريد حذفه - تتجلى به هذه العلاقة تمام الجلاء، وفضلا عن هذا كيف يفهم طلاب اللغة العربية: الصغار والكبار، هذه الحروف وكيف يعربونها ويعربون ما بعدها؟ أنقول لهم: إن هذه الحروف حروف تشريك، وأن ما بعدها شريك ما قبلها، كما يفهم من حديث المؤلف، هذه الحروف منها ما يفيد التشريك في اللفظ والمعنى ومنها ما يفيد التشريك في اللفظ دون المعنى، كما هو مفصل في كتب النحو، على أنه (إذا كان هذا كل ما يريده) ليس هناك كبير غناء في وضع لفظ مكان لفظ. ولا سيما إن كان اللفظان مترادفين، فظهر لك من هذا وجوب أن يكون للعطف باب خاص بأحكامه.

ثانياً: جعل المؤلف البدل والتوكيد باباً واحداً، وذلك إن دل فإنما يدل على أن صاحب الكتاب يريد أن يتناسى الفوارق المعنوية بين البابين، والتي يوضحها ويبينها الاستعمال؛ فبينما نرى في باب البدل أن المقصود بالحكم هو البدل، نرى في باب التوكيد عكس ذلك إذ أن المؤكد هو المعنى بالحديث المقصود منه وإنما جيء بالتوكيد ليثبته وليقوى معناه، ولأضرب مثلاً يبين ما أردت:

تقول قرأت الكتاب بعضه، فالمقصود من الجملة هو البدل (بعضه) لأنك لم تقرأ الكتاب كله؛ وتقول: قابلت الوزير نفسه، والمقصود من الجملة هو الوزير ولم تأت كلمة (نفسه) إلا لتؤكد أنك قابلته، ولم تقابل (سكرتيره) مثلاً، وأحسب هذا فرقاً معنوياً واضحاً يكفي لأن يجعل لكل منهما باباً خاصاً به، هذا إلى أن للتوكيد ألفاظاً لا يتعداها، ولا يكون بغيرها، أما البدل فمتحلل من هذه القيود وغير خاضع لها.

أحمد أحمد بدوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>