بعض جمال هذا العمل. أما من حيث موضوعه، فأكاد أمدحه (على طول الخط) لولا هذا الغلو في الدعوة إلى العالمية في زمن تقوم فيه دكتاتوريات تريد أن تلتهم العالم وتذل الحريات. أجل، إن الإخاء الإنساني الذي يراد أن يشمل قارات الأرض جميعاً حلم جميل، ولكنه في زمننا هذا يعتبر حلم الضعفاء والنَّوْكي والمهزومين؛ ونحن في عصر تنشد فيه مصر من أبنائها وطنيةً حادةً متأججة، وطنية الدبابات والطائرات والغازات السامة التي هي أسلحة هذا الزمان الظالم المقاحم. . . الزمان الذي شهد بعينيه الكليلتين سقوط عرش أسد يهوذا تحت سنابك نيرون!
أنا أعرف أن الأستاذ نقولا رجل الأحلام والشعر والموسيقى، ولن أنسى مطلقاً رنين كلماته في أذني في ليالي أسيوط المقمرة. . . ولكني أوقظه في غير رحمة ولا عطف، ليقرأ بعينيه النفاذتين بنود المعاهدة المصرية الإنجليزية، والبرقيات المخيفة المزعجة عن تسلح الدول.
لنعطف ولتسِلْ نفوسنا رقة ورحمة، ولكن على المصريين. . على أنفسنا. . . أما على الثعابين والعقارب، فلا!
وليثق الصديق نقولا أن ولز الذي مات فلم يشعر به أحد، كما مات توماس مور فلم يشعر به أحد كذلك، لا بد أنه ندم على جميع طوبوياته التي كتبها. وليفكر الصديق نقولا أيضاً في مصر اليوم فقط، أو إلى ما بعد عشرين سنة فحسب. . . أما في العالم بعد ألفين سنة، فهذه أضغاث أحلام. . .
عمل جليل لا شك يستحق من أجله نقولا يوسف ألف تهنئة، وهدية سنية من المجلة الجديدة.