للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خيوط بيته في ركن تضيئه الشمس بنورها الساطع، فوقفت النحلة إلى جانبه وألقت عليه سؤالها؛ فقال لها العنكبوت: (إنها تريد ذبابة)؛ فأدركت النحلة أنه من أولئك القوم الذين يحسبون أمنياتهم صورة من أمنيات الآخرين، فولت وجهها شطر ناحية أخرى، وراحت تبحث عما تريد منها عروس النيل. . .

ورأيت فوقها سحابة فهرعت إليها وصاحت بها: (أتوسل إليك أيتها السحابة أن تخبريني ماذا اقدم لها؟) فأجابت السحابة (قطرات المطر) فسرت النحلة سروراً عظيما وعادت إلى عروس النيل على جناح الريح وقدمت إليها قطرة من الماء تفوق في حسنها حبة اللؤلؤ، ولكن الزهرة تمايلت على غصنها وقالت: (لا، إن الماء عندي كثير وقطرات الندى تساقط عليّ كل صباح) فنشرت النحلة مرة أخرى جناحيها وعادت للبحث والتنقيب. ورأت أشعة الشمس تداعب أوراق العشب فسألتها فقالت: (إنها تريد الدفء) فالتقطت النحلة إحدى الحباحب ثم عادت إلى الزهرة وقدمتها إليها ولكنها أبت أن تأخذها وقالت: (إن لي في ضوء الشمس الدفء كله. عودي ثانية للبحث)

وشاهدت النحلة بومة فسألتها فقالت لها (إنها تريد النوم فاذهبي إليها وروحي لها بجناحيك حتى تنام). ولكن الزهرة قالت: (وماذا أفعل بالنوم. إن النوم يأتيني كل ليلة فلا حاجة لي به منك) عندئذ كاد اليأس يتملك فواد النحلة فصاحت بصوت عال: (ترى ماذا تريد مني هذه الزهرة المتقلبة الأهواء؟)

وشاء القدر أن يسمع هذه النصيحة العالية راهب عجوز يقطن كوخاً في الغاب فنادى النحلة وقال لها: (ما اشد غباءك أيتها النحلة! أتريدين أن تعلمي ماذا تريد منك عروس النيل؟ إنه هذا) ثم طبع على جناحيها قبلة من أعذب القبلات

فاغتبطت النحلة لذلك كل الاغتباط وطارت بأقصها سرعتها نحو الزهرة وقبلتها في خفة ودلال. وعندئذ أحست الزهرة بالسعادة والهناء، وتفتحت أوراقها واستسلمت للنحلة لتمتص منها ما تشاء من الرحيق

هذه هي قصة النحلة وعروس النيل. . . والقبلة

(الإسكندرية)

إبراهيم عبد الحميد زكي

<<  <  ج:
ص:  >  >>