للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نعم لما كنت منتظرة الطلاق فقد كنت أخشى أن تكتشف هذه الرسائل عندي، وكنت أحتفظ بها إلى حد يمنعني من إبادتها! وقد كانت جاكيلين وحدها هي التي تستطيع أن تحفظها لي ما دامت تعرف سر حياتي.

- أي سر؟. تمتم جيوم بهذا السؤال فأجابته قائلة:

- آه! أنت لا تعرف، فأنا أحب أحد الناس. . . هو أحد أصدقاؤك، وكان يتردد كثيرا على منزلك. . .

فتمالك جيوم قواه وسألها قائلا:

- أهو رفائيل دور ميفال؟.

فأجابته الشابة وفي قلبها ذلك الاسترواح الذي يشعر به المحب حينما يذكر اسم محبوبه قائلة:

- نعم، نعم هو رفائيل. يجب أن نتزوج، وسأراه بعد قليل.

نطقت بهذه الكلمات وهي واقفة تستعد للخروج، وكان وجهها جميلا سعيدا يتلألأ بكل ما لديها من سرور وكانت عيناها تبتسمان، وكانتا مبللتين قليلاً كأن الهناء قد ألانهما.

- ففأفأ وتمتم قائلا: - أنت ذاهبة. . . أنت ذاهبة. . .

- نعم أنا ذاهبة إلى منزله. . . إنه لا يتوقع مجيئي إلا غدا.

- أية مفاجأة! لهذا كنت أسر لو حصلت على رسائله لأننا كنا نعتزم أن نقرأها معاً على أثر نيلنا حريتنا.

- اسمعي. . . اسمعي. . .

كان جيوم إذ ذاك يشعر أنه صار مجنونا، إذ فهم أن شيئا هائلاً وفظيعا قد وقع، شيئا سيترك له ذكرى أكثر إرعابا وتعذيبا من موت زوجته نفسها، وكان يود أن يهيْ هذه السيدة لوقع ذلك النبأ المؤلم، ولكنه لم يكن يعرف ماذا يقول فقد رفضت شفتاه النطق بتلك الكلمات المروعة، وجعل ينظر إليها مضطربا كما ينظر الإنسان إلى أولئك الذين أصيبوا بكوارث تتجاوز القوى البشرية. وبدون أن ينبس بكلمة، وبدون أية إشارة، وفي رعشة الخوف والغم والقلق تركها تخرج.

محمد غلاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>