ثم تحركت السيارة. . وزادت سرعتها حتى اختفت في منعطف الشارع.
وظلت السيدة تريل واقفة وقد غمرها شعور من الأسى ولم يقطع خيط تأملاتها سوى صوت يقول:
- (يا عزيزتي السيدة تريل. . كم ستفتقدين ثان!)
كانت جارتها في المنزل، فابتسمت قليلا ثم قالت في هدوء:
- (سيبدو الأمر غريبا بدونها)
- ستغدين وحيدة، لقد قضيت معها أوقاتا طيبة. أيام العطلات في توركواي. . مآدب العشاء في المنزل، كل هذه أشياء ستثيرك. . ومع هذا. . هل ستقيمين بمفردك؟)
فهزت السيدة تريل رأسها وهي تقول (أعتقد أنه يجب أن أسافر لبضعة أيام أولا. .)
وكانت ما زالت تبتسم في هدوء والسيارة تنقلها خلال الشوارع المزدحمة إلى منزلها.
هبت نسمة دافئة حين وصلت السيدة تريل إلى تلك البلدة على شاطئ البحر التي اعتادت أن تزورها وابنتها وزوجها حينما كان على قيد الحياة، وسارت السيدة تريل في بطء بمحاذاة الشاطئ، كانت الأضواء تتلاعب فوق رأسها، وجعلت تراقب الصيادين وهم يقومون بعملهم. . وتمشت على الرمال. . . وكانت معالم الناس تختفي في ظلال الظلمة الهابطة. . وأحست بانفرادها لا يواجهها سوى البحر، وسرحت نظرها في الشاطئ من أوله إلى آخر ما يحده بصرها. .
كانت غارقة في ذكرياتها. . لطالما مرت بها كل هذه المناظر من قبل، وإذا بالماء يداعب قدميها، فتشعر بإحساس من الغبطة يملأ نفسها بالرغم من وحدتها).