الإسكندرية، وعرفت البيت الذي سيظلل حبيبي، فذهبت إليه، ورأيت صاحبي مع عروسة يتألق ويفيض سعادة، وتشرق الابتسامة في فمه في الجهة المنيرة من الحياة كأنه نسي أن هناك قلباً يلهج بحبه، ويتعذب فيشقى في هوة سحيقة في الجهة المظلمة العابسة من الحياة. . . وأحسست بالعبرة تخنقني، وبكياني ينهار كأنه جدار خاو، وعدت أدراجي من البيت الذي سرق مصباح حياتي وتركني أهيم في الدجى وحدي. . . إنه نكث عهده، ولكنني ما زلت أحبه حباً عميقاً وأنا عارفة أنه سبب شقائي، ولكنني لن أتنكب عنه. . . أما أنت فلا أريدك تتعذب بسببي، ولا تتجرع كأس الأسى معي. . . وسأظل مخلصة لحبي اليائس حتى يضع الله حداً لحياتي التعسة.
وطفقت تبكي بدموع لم أتبين حقيقتها. . . ثم قالت: - أعرفته؟. . فأجبت: - لست غبياً إلى هذه الدرجة. . . وامتلأ صدري بالحقد على تلك العلائق التي تربط الإنسانية.
قلت: أتذكرين عندما التقينا ثاني مرة في هذا المقهى، وقلت: مالك ساهماً كأنك تفكر في المستحيل؟. . . لقد أردت أن أصرخ في وجهك: هذا حق. . . فأنا الآن في رحاب المستحيل. ذلك لأنني سمعت هاجساً يهجس بي أن حبك لي مستحيل. . . لأن القوة التي صاغت حياتي كانت قاسية كتبت عليّ أن أسير وحيداً في طريق عامر بالأشواك.
ومددت يدي في جيبي وأمسكت بالدبلة وحطمتها بين أصابعي بقوة. . . ثم رميت حطامها بعيداً. . . ومعها أحلام قلب محروم.