للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان السباعي الكبير فياض العاطفة، مستوعب النظرة، كثير المداخل، يحاول جاهداً أن يعطيك كل ما في نفسه مفصلاً وهذه هي المظاهر والسمات التي تتجلى في قصص (الابن) ويلمسها القارئ في هذه المجموعة التي أخرجها باسم (أطياف).

وكان السباعي الكبير ينظر إلى الحياة على أنها لعبة ضخمة، ويرى الناس ممثلين، كل منهم يؤدي دوره على المسرح الفسيح ثم يتوارى خلف الستار، وهذه هي أيضاً نظرة (الابن) إلى الحياة والى الناس، وقد صدر مجموعته القصصية بتلك الكلمة المأثورة عن والده (نحن أطياف بملهى لاعب)، وسمى المجموعة باسم (أطياف) ومن العجيب أنك ترى هذه الفكرة تسيطر عليه حتى في تناول القصة ومعالجتها، فهو يقف دائماً وراء أشخاصه ثم يحركهم كما يبدو له، فمرة يدفعهم إلى الأمام، ومرة إلى الخلف وثالثة يلقي بهم في زحمة الحياة وهو واقف كأنه يتلهى بالتفرج عليهم.

وأنت تقرأ في هذه المجموعة قصة جرت على شاطئ الإسكندرية وثانية حدثت في صميم الريف، وثالثة وقعت في محيط أسرة من الأسرة العريقة المحافظة، ألوان مختلفة، وبيئات متباينة، ولكنك تجد صاحبنا في كل بيئة كأنه يقيم فيها، ويقف على أسرارها ومظاهرها، ثم هو لا يكرر نفسه أبداً، كما يصنع بعض الشبان الذين يعالجون كتابة القصة في هذه الأيام، إذ تجد الواحد منهم في كل ما يكتب يسير في طريق واحد لا يتعداه ويقف عند نمط من الوقائع كأنه لا يعرف سواه. . .

ولكن هناك ناحية يلمس فيها القارئ هوة بعيدة بين (الأب) و (الابن) فقد كان السباعي الكبير في أسلوبه قوة وكان يغضب ويثور إذ يقع على خطأ عربي لأحد الكتاب، فيا ترى ماذا كان يصنع لو انه رأى في أسلوب (الابن) ما فيه من مفارقات؟.

محمد فهمي عبد اللطيف

<<  <  ج:
ص:  >  >>