للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عينيها الجميلتين وطفقت تلقي على حمدي نظراتها الحنون وتوسد نظراته إليها أجفانا ذابلة يقظة. وكانت تتلقى ضغطة يده على كتفها كأنها تأكيد لعهدهما وميثاق أبدي.

وفي ذات أصيل جاءت أم حمدي بمفردها وحيت وقالت: إن حمدي يسره أن يصاهر أسرتها الكريمة. فتوردت وجنتا سنية وخفق قلبها وكادت تثب من الفرحة الكبرى التي غمرت كيانها وواصلت أم حمدي الحديث قائلة (وهو لذلك يطلب يد عدالات).

ووجمت سنية وأصابها تبلد غريب، ولأول مرة أحست أن عدالات الطفلة الناردة قد أصبحت مزاحمة خطيرة. وعجبت من نفسها كيف قابلت النبأ بهدوء وكيف ودعت الضيفة في ثبات ووعدتها وعدا جميلا بعد أن تخاطب أبا عدالات في الأمر. وعادت إلى غرفتها وسبحت في يأس مرير. إنها تمنت أن تعيش بين يده فكيف فر منها إلى طفلتها الصغيرة؟ أتكون عدالات زوجة أفضل منها وهي الفتاة الطائشة الرعناء وكبحت جماح غيرتها العنيفة أن شقيقتها إنعام قد أطلت من وراء الغيب تسألها الرفق بابنتها وتنهدت سنية وملأ رأسها عزم جديد.

(لقد تمنيت أن أرى أولاده مني، وقد استجاب الله نصف الأمنية. إن أبناءه من عدالات سيكونون أبنائي، وسأشرف على تربيتهم كما أشرفت على تربية أمهم)

(ما الذي تغير في حياتي؟ سأعيش بقربه، وسأراه دائما، وسأحنو عليه حنوي على عدالات. إن الحجر الصغير الذي ألقى في نهر حياتي الهادئ قد انداحت له الدوائر، ولكن سطحه سرعان ما عاد إلى هدوئه وسيظل يجري في الصحراء التي قدر له أن يجري فيها حتى المصب). (لقد عشت شبابي زاهدة، وكثيرات غيري قد فررن من مثل هذا الألم إلى الدير، فلم لا أصبح راهبة بلا دير؟)

(إسكندرية)

إدوار حنا سعد

<<  <  ج:
ص:  >  >>