ومقارنة بين المرأة المصرية وأختيها الفرنسية والأمريكية، وكادت تضطرم ثورة مدام فرانس لتوهمها أن أختها المصرية أوفر منها براعة في إرضاء الرجل. . . عدنا إلى مقاعدنا وقد أذبل الشراب أجفاننا، وأخمد قوة النضال الكلامي فينا، وأذكى بطبيعة الحال قوة النظر الطويل والإعجاب الذي لا حد له والافتتان بهذه المرأة المملوءة حيوية وجمالاً ونضارة وسحراً والممدة أمامنا على مقعد عربة سكة الحديد تحاول النوم على هدير القاطرة وصفيرها وقرقعة العربات
لقد أحييت الليل ورفيقي الأميركي نتحادث همساً حتى لا نزعج السيدة النائمة، وكان طبيعياً أن نختلف في الرأي وأن نتحاور ونتجادل ثم نعود إلى صفائنا الأول، وكان بديهياً، بحكم الرغبة الكامنة ألا نختلف أبداً وأن نتفق اتفاقاً تاماً على ألا نعيد الغطاء كلما سقط عن جسم هذه المرأة الفاتنة المتناومة، وكان عذباً على سماعنا قولها: يا لكما من شابين شقيين!
سكت محدثي مرة ثانية فلم أدعه يتمهل بل قلت له بنبرة جافة: ثم ماذا؟ صدمه سؤالي وكاد يتخاذل ولكنه تجلد وقال: طلع الفجر، ثم تفجرت أشعة الشمس، وانجلت عروس ربة فرنسا بثوبها الزبرجدي النضر. وبلغنا باريس فافترقت القارات الثلاث، وراح مستر أميركا ومستر إيجبت كل في طريق، وراحت مدام فرانس تنثر القبلات وتتقبل القبل من مستقبليها على إفريز المحطة
ربت كتف محدثي وقلت له ببشاشة أذهبت وقع الصدمة الأليمة التي صدمته بها عند سؤالي إياه تتمة القصة بقولي:(ثم ماذا) ليست قيمة القصة يا صاحبي في المادة التي تتألف منها، ولا في كيفية ترتيب تلك المادة، بل قيمتها في الكيفية التي تؤدى بها وفي عرضها عرضاً خاصاً بمهارة فنية، وبالتشويق والترغيب، في صدق الرواية عن الحياة، مضافاً لها الخصائص الفنية التي ذكرتها في حديثي مع رفاق المقهى، أما قصتك المرتجلة هذه فإنها تماثل حكاية واقعية وقعت لي حين رحلت إلى جزيرة رودس التي انتزعها الطليان من الدولة العثمانية مع بقية جزر الدومنيكان
قال: أترتجل قصتك ارتجالاً؟ فابتسمت لسؤال هذا الشاب وقلت.