للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المنظر، وبجدران تجلى فيها النقش، لكنها لم تلق قبولا لدى خيال الأمير الآخذ بالاتساع، فأمر بهدمها

فالأمير لم يعد باليافع الرشيق الحركة الذي أحب ملكته الصبية، فقد أضحى الآن رجلا عبوسا لا يستوطئ راحة، منكبا على بناء (لؤلؤة الحب). وأخذت السنوات المليئة بالعناء تكسبه خبرة في فن البناء. . . ورهف ذوقه للألوان، وغدا قليل الاهتمام للتزويق والتزيين وكنت تسمعه يردد: (هذه أشياء كانت بديعة). وشاهد الناس (لؤلؤة الحب) تعلو من طور الإنشاء إلى علو شاهق في عظمة وأبهة وجلال، فهم لم يكونوا يعرفون ماذا يتوقعون، لكنهم على كل حال لم يتوقعوا أن يشاهدوا مثل هذا السمو، وكانوا يقولون هامسين: (غريبة تلك العجائب التي يبدعها الحب)! وأحبت جميع نساء العالم الأمير لولائه العميق ولوجده الدفين

ولم يأل الأمير جهداً في التبديل والتجميل، وإنما كان هناك شيء من النشوز في التابوت، إنه لم يكبر منذ الأيام الأولى للكارثة، فبان أشبه بمستطيل صغير يجثم دون تناسب وسط (لؤلؤة الحب). وفي ذلك التابوت كانت علبة الرصاص والفضة الكبيرة الحاوية لجسد من أوحت بهذا الفن

وقف الأمير طويلا يتأمل وينعم النظر، ولكن أحداً ما كان ليدرك ماذا يجول بفكره، وماذا يستقر في خياله؟!

وأخيراً. . . تكلم مشيراً إلى (لؤلؤة الحب) وقال: اهدموها!

(بيت لحم - فلسطين)

عيسى سليم

<<  <  ج:
ص:  >  >>