دروع الملوك والأمراء وذوي الجاه في سقف المعبد؛ والجميع يهزجون ويهتزون من فرح ومن سرور كأنهم أحياء، وتصاعدت أنفاسهم إلى سماء المعبد، سحبا تغطي السقف وتحيط بالأعمدة، ثم أمسك الجميع سوى رنات الناقوس العظيم في أعلى المحراب
وملأ مسمعي توماس صوت يردد الأغنية خارج المعبد في نبرات أخاذة شجية، يخترق سكون الليل وظلامه ليستقر في أذنيه هو. إنه. . . إنه منبعث من حجرة التماثيل، حيث الملوك والملكات، حيث الأمراء والعظماء، حيث الكهنة والشهداء، حيث القسس والرهبان؛ قد صففت تماثيلهم الفضية والبرنزية والرخامية والحجرية، لقد أجابوا جميعاً دعوة الداعي فانطلقوا يترنمون بالأغنية الإلهية في طرب ولذة. . . وهدأت الموسيقى خارج المعبد لتبدأ مرة أخرى داخله، ثم. . . ثم اندفعوا جميعاً بصوت فيه العذوبة والحلاوة يرددون:
على مر الأيام والليالي ونحن نسبح بحمدك يا رب، ونقدس اسمك العظيم يا رب؛ ما دام هذا الكون اللانهائي واصطرعت في رأس توماس فكرة أفكار متناقضة فما استطاع سوى أن يرفع عقيرتة:
يا إلهي، فليشملنا عفوك وغفرانك؛
فليشملنا عفوك وغفرانك يا إلهي!
ثم تراخت قوته فانطرح على الأرض ذاهلا. . .
وأفاق فما وجد إلا الظلام يشمل الأرض، وإلا السكون يسيطر على الكون، وإلا مصباحه الضئيل يضطرب في ناحية من المعبد. . . فارتد إلى حجرته وقد آلمه ما نازعته إليه نفسه من حقد على عبد من عباد الله الصالحين، حباه الله بفضل من لدنه، فبذل فضل جهده في العناية بمخلوقاته الخرساء الصماء، وفي تنسيق قطعة من أرض الله لتكون جنة الله على أرضه، ونزع ما في صدره من غل، فأيقن أنه إن لها الإنسان عن ذكر ربه ففي الكون مخلوقات ما تفتأ تردد ما دامت السموات والأرض:
. . . نحن نسبح بحمدك يا رب،
ونقدس اسمك العظيم يا رب؛ مادام هذا الكون اللانهائي.