للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- إنه لا يزال يحبك يا عزيزتي. ولكن عائلته ترغب أن تزوجه. أنت تعرفين ما أعني.

فاضطربت وقالت - آه. . . لقد بدأت أدرك الآن.

ثم التفتت إليه وقالت - إنك. . انك ستتزوج؟ فأجاب قس شراسة - نعم.

وتقدمت خطوة نحوه ثم قالت - إذا تزوجت سأقتل نفسي. أتفهم ذلك؟

فهز كتفيه وقال - حسناً. . . اقتلي نفسك.

أتقول. . . أتقول. . أعد ذلك مرة أخرى.

فردد قائلا - حسناً. . . أقتلي نفسك إن أردت.

فقالت وقد أزداد شحوب وجهها - لا تعتقد أني لا أعني ما أقوله. سألقي بنفسي من هذه النافذة. فجعل يضحك، ثم ذهب إلى النافذة، وفتحها. وأخيراً انحنى لها في احترام قائلاً في أدب ساخر - من هذا الطريق. . . بعدك يا سيدتي.

فنظرت إليه هنيهه وقد ظهر وميض من الجنون في عينيها. ثم. . . ثم اسرعت كأنها في سبيل اجتيازها سياج حقل، وانطلقت أمامنا، ثم تخطت حاجز الشرفة، واختفت عن أنظارنا.

لن أنسى ما حييت تأثير تلك النافذة المفتوحة، عندما شاهدت الفتاة تسقط أمامي. وتراجعت بدون وعي إلى الخلف خشية أن أنظر إلى أسفل، كأني سأسقط أنا الآخر. ووقف جان دون حراك ينظر في ذهول.

وحملت الفتاة مكسورة الساقين، وأصبحت عاجزة عن السير بعد ذلك. وجن عشيقها تحت تأنيب ضميره. وكأنه شعر بأنه مسئول عما حدث، فعاد إليها وتزوجها.

. . . هذه هي القصة بحذافيرها يا صديقي)

كانت الشمس على وشك المغيب، وشعرت الفتاة ببرودة الجو، فرغبت في العودة إلى الدار. وأبتدأ الخادم يدفع المقعد صوب البلدة. وسار الرسام بجانب زوجه بعد أن مكثا ساعتين دون أن يفوه أحدهم بكلمة.

(الإسكندرية)

محمد فتحي عبد الوهاب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>