وهم الفلاح يودع أصدقاءه. . . ولكنه سقط في بركة من الماء الضحل. . فتلطخ جسده وثوبه بالوحل من هامته إلى أخمص قدمه. . فنفلت يلعن ويسب، وهو قابع في مكانه كالخنزير. .
قهقه (إبليس) عالياً. . وعاد يُطري نبوغ تلميذه ثم قال له:(لقد أمكنك أن تصلح خطأك حين أخفيت الخبز عن الفلاح. . وفزت بالنجاح فيما اختبرتك فيه. .
ولكن خبرني كيف يُركب هذا الشراب الساحر. . لابد أنك وضعت فيه خلاصة من دماء الثعالب. . وأضفت إليه دماء الذئاب ثم مزجتها بدم الخنازير. . ذلك ما جعلهم يتماكرون ويتملق بعضهم بعضاً في أول الأمر كالثعالب!. ثم يتضاربون كالذئاب. . ثم يصيحون كالخنازير التي فقدت إحساسها ومشاعرها)
فأجابه الشيطان الصغير:(لا يا سيدي الفاضل!. ليست هذه الطريقة التي اتبعتها في عمل هذا الشراب. . . كل ما فعلته هو أني لحظت أن الفلاح توفر لديه القمح وزاد عن حاجته!.
إن دماء الحيوانات والوحوش كامنة في عروق الإنسان منذ أن فُطر. . فطالما عنده ما كاد يكفي حاجته من الطعام والخبز. . ظلت هذه الدماء ساكنة حبيسة. . ولذا لم يغضب الفلاح حينما سرقت منه كسرة الخبز.!
وحينما توفر لديه القمح وراح يسعى إلى وجوه جديدة يتنعم فيها بهذا الوفر فدللته على متعة عظيمة. . هي الخمر فلما أخذ يقلب فضل الله وخيره عليه. . . إلى هذه الخمر ليتخذها متعة لنفسه، انطلقت دماء الثعالب ودماء الذئاب ودماء الخنازير من سكونها وراحت تعبث بنفسه وتعبث بعقله. . ولو أن الإنسان داوم على الشراب! لظل حيواناً وحشياً طيلة حياته. . . إن الرغد من أسباب الرذيلة!.).
فامتدح إبليس تلميذه الشيطان الصغير وأثنى على براعته وعفا عما بدر منه سابقاً من ذنوب. . . ورقاه إلى رتبة أعلى في دنيا الشياطين!