بلح الناس وزيتونهم طول العام نظير هبات يعطونها إياه من الشعير والبلح والزيت، ويحضر الأعراب عادة في فصل الخريف من وادي النيل ومن الصحراء ليشتروا البلح من سيوة، ثم ينقلونه على الجمال لوادي النيل حيث يباع في الأسواق بثمن معتدل وحول هذه المساطيح أقام بعض الأعراب الذين يتاجرون بالبلح حظائر لجمالهم ومنازل لهم، وفي فصل الخريف ترى مئات من هؤلاء الأعراب بأرديتهم البيضاء يجوبون أنحاء المساطيح بين أكوام البلح ذات الألوان المختلفة من أحمر إلى أصفر إلى داكن بين الحمرة والسود يساومون أصحابها في أثمانها على حين تنتظر جمالهم خارج المساطيح مجلجلة بأصواتها كأنما تنادي أصحابها في الداخل، وتزيد الحركة ببعض العبيد وهم يحملون البلح المشتري مكبوساً داخل (مقاطف) كبيرة من الخوص ليحملوه على الجمال. وما أجمل منظر الناقة تحمل حملها وتسير وسط السوق تشق طريقها بين الناس كأنها باخرة تشق طريقها في الماء، أضف إلى ذلك صهيل خيول الأعراب ونهيق الحمير ونباح الكلاب، منظر يدل على أن في البلد حركة كبيرة، ولا شك فان البلح والزيتون هما عماد الثروة في واحة سيوة.
ويقضي العرف بين الناس بالسماح لكل من يشاء أن يأكل ما شاء من البلح في المساطيح من غير مقابل، غير أنه ممنوع أن يأخذ معه شيئاً خارج المسطاح، ولذا ينتهز الشحاذون من الأعراب فرصة هذا الموسم ويدخلون المساطيح سائلين أصحاب البلح أكلة منه ليفوزوا بالشبع.
وبيع (العجوة) شائع في السوق أكثر من غيره، وبعض الناس يبيعونها من غير (نوى)؛ وفي عرض البلح للبيع بهذه الطريقة خطورة كبيرة: فالذباب يملأ المساطيح، والناس يطأون البلح بأقدام قذرة، ويعبئونه بأيد لا يفكر أصحابها في نظافتها. ولو أن العناية تصل إلى تنظيم طريقة البيع لكان في ذلك أمان وطمأنينة لمن يأكلونه.