يعطينا صورة من هذه الفترة التي لونت حياة العالم الإنساني إلى حد العلمية في البحث والتحليل؛ والجمال الفني في العرض؛ والتصوير؛ وهاهو ذا اليوم يهدي إلى الأدب؛ والعلم؛ والتاريخ؛ شخصية من أضخم الشخصيات العالمية؛ وهي شخصية - الفاروق عمر - والعالم كله يجتاز هذه المرحلة وهو أشد ما يكون احتياجا إلى الأخلاق؛ والشجاعة؛ والعدل؛ والعطف؛ والمساواة؛ والأخذ على يدي الطاغي مهما كانت مظاهر سطوته؛ التي سنها عمر في سياسته وضربها مثلا في معاملته؛ وهذا الكتاب الجديد يحمل طابع المؤلف في كتابيه السابقين - حياة محمد - والصديق أبو بكر - من حيث الدأب في الحصول على كل ما يتعلق بهذه الفترة؛ وتلك الشخصية في كل ما تفرق من المصادر العربية؛ وما يتصل بها من البحوث الغربية التي قام بها المستشرقون - وإعمال الفكر؛ ودراستها دراسة تحليلية؛ ومناقشة كل ما يستحق المناقشة على الطريقة العلمية؛ ثم يترك قلمه يصوغها صياغة فنية خلابة؛ فكتابة الدكتور - هيكل باشا - تحمل دقة المنطق؛ وطلاوة الأدب؛ ومن هنا كانت قيمتها لأنها تشوق القارئ إلى اقتحام فيافي التاريخ الشاقة؛ وتعين الباحث المختص على تقديم مادة قوية في هذا المجال ويرسم النهج الذي يجب أن يحتذيه من ينهض بعبء هذه الرسالة، ولا ريب أننا تعوزنا هذه الأبحاث؛ وهذه الدراسات في تاريخنا الإسلامي وتقديمه للشباب في هذه الأساليب العلمية والهالات الفنية؛ حتى يتهيأ لنا أن نوقد الرغبة في قلوب الشباب ونثير الشوق إلى هذا التاريخ حتى يتسنى له أن يأخذ حظه من العناية والدرس بين الحضارات الأخرى؛ ومن هنا كان أهمية هذا المؤلف القيم عن هذه العبقرية الخالدة. . .
والذي نأمله ألا يلبث القارئ طويلا حتى يظفر بين يديه بشخصية جديدة من شخصيات هذا التاريخ.