للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حلت بنا أزمة اللحوم ومحنة حظر اللحوم فماذا أوحت إلينا؟ لقد أشعرتنا بالحاجة إلى بديل للحوم يشبهها من جميع الوجوه ويغني عنها: أي لحم اصطناعي. وسيزداد شعور العالم في المستقبل بهذه الحاجة لا بسبب الحروب بل بسبب تطور المدنية. نعم سوف ترهف مشاعر الإنسان فيشعر باحتجاج صامت من الحيوان الأعجم على سفك دمائه، وستنمو غريزة الشفقة وتطغى على البشر فلا يعودون يرون أن ذبح الحيوان يختلف عن ذبح الإنسان. ستسود المحبة والتآخي بين الإنسان والحيوان وتنسى الطيور غريزة الخوف من الإنسان فتراها لا تطير مدبرة إذا أقبل عليها بل تستقبله هاشة باشة مغردة بالتحية. وستتضح للناس أضرار صحية وخلقية لأكل لحم الحيوان، وغن من أكل لحم الحيوان قد تسربت إلى الإنسان ميول حيوانية وتفكير حيواني. وسينتصر العلم في إنقاذ الموقف باختراع لحم اصطناعي أشهى وأفضل من لحم الحيوان. وليس في هذا القول بدعة، فقد سار العالم فيه شوطاً ليس بالقصير، وانتشرت المطاعم النباتية في عواصم أوربا وتأسست فيها جمعيات لمكافحة أكل الحيوان، وصارت المصانع تخرج كل يوم أنواعاً جديدة من مستحضرات غير حيوانية تستعمل بدل اللحوم في شكل خلاصات لها طعم اللحوم أو دجاج أو السمك. حتى محار البحر أمكن تقليده. وعمد البعض إلى تقليد ألياف اللحوم لتقطع بالسكين على المائدة كأن عملية القطع بالسكين في حد ذاتها لذة

وأُسجل مع الأسف أن مطاعم القاهرة لم تظهر تفنناً كافياً في مقابلة نظام حظر اللحوم، ولم تبتكر أي طعام جديد خلاف الأطعمة العتيقة المشهورة. وذلك على رغم توفر الخضر والفواكه واللبن والبيض في بلادنا. حقاً لقد تجلت حاجتنا إلى إنشاء معهد للأغذية

دكتور علي عبد السلام

<<  <  ج:
ص:  >  >>