وإذ كنا في طريقنا إلى غرفة المائدة قال لي الزوج مداعباً: انظر كيف تمثل أنت الدمامة بهندامك كما كنت أنا أمثلها بوجهي ورأسي وقتما تعارفنا في رودس!
كان حديثنا ونحن على مائدة الطعام يدور حول الدمامة والحسن وقد اختلفت كما تنوعت وجهات نظرنا في تعريفها، وقد كانت السيدة (سمسم) أقدر منا وأصدق في الحكم عليها من وجهة نظر المرأة فقالت:
الدمامة هي في الوجه الميت والحسن في الوجه الحي، فالوجه الذي تموت فيه التعابير وتنطفئ فيه معاني النفس هو وجه دميم برغم تناسب قسماته؛ أما الوجه المعبر الذي تبرز فيه كل المعاني النفسانية فهو الوجه الحسن برغم التنافر في قسماته.
أما الجمال، وإن كان تعريفه نسبياً، واختلاف النظر إليه واجب بوجوب تنوع الأذواق والميول، فهو في نظر المرأة رجولة في القسمات، رجولة في الصوت والحركة والإشارة رجولة في البيت في الأمور وفي تصريفها. ولا شأن لي في وجهة نظر الرجل في تعريف جمال المرأة، لأن أكثر الرجال لا يعرفون ما هو الجمال! والجمال في المرأة سر بل أسرار لا يعرفها معرفة حقيقة إلا الخبثاء من الأدباء والشعراء ورجال الفن.
ضحكت وصديقي ضحكة الرضا عن تفسيره هذه السيدة معاني الجمال على هذا الشكل البارع، وأخذنا نشرب ونأكل. وإذ كنت في طريقي إلى البيت كنت أحس بأني سكران أترنح من الفرح، وما برحت يا صحابي أزور هذه الأسرة السعيدة لأفرح بمشاركتها في عيدها في الليلة الثانية والعشرين من شهر ديسمبر من كل عام.
نظرت إلى صاحبي نظرة طويلة ساهمة، ثم مد يده فصاحبني وانصرف دون أن يقول كلمة واحدة. وبعد ليلة جاءني هذا الشاب وكل قسماته تطلب الاستفهام والاستيضاح وقبل أن يسلم عليّ قال:
أستاذي المحترم، أين عقدة القصة وكيف حللتها؟ لقد أذهلتني عن العقدة فبربك أرشدني إليها.
قلت وقد تعلمت جفوة المتشرد، اذهب إلى الدميم، بل اذهب وسل (سمسم) إذا شئت.