فتح الباب في هذه اللحظة ودخل منه زوجها يحمل رأسه الأصلع وحاجبيه الأمرطين اللذين قلّ الشعر فيهما، يلبس سروالاً قصيراً وقد برزت ساقاه الشعراوان، ينتعل حذاء سميك النعل، وفي يده عصاً كأنها جذع شجرة وقال:(هكذا كنت).
قلت للسيدة (سمسم) وأنا كالفزع: كيف تخلصت من هذه الدمامة الصارخة؟
قالت وهي تبتسم: علمته صناعة (التواليت) ثم التفتت إلى زوجها الذي كان يقفز كالقرد ويأتي بإشارات مضحكة وحركات طفلية وقالت له.
أتقنت تمثيل دورك كما كنت في رودس فاذهب وغيّر هندامك استعداداً للعشاء.
قال محتجاً: لا عشاء قبل (الأبرتيف).
قالت: هو ذاك مقبلات شهية.
عدنا إلى صالة وكانت الدهشة ما زالت تغشاني، فلما جلسنا قالت لي السيدة (سمسم): لقد تم زواجنا على خير ما رمت.
اقتنعت والدتي برضاي عن الرجل الذي انفتحت له مغاليق قلبي فقبله شريكاً لحياتي، ثم أظهرت مثل هذا الرضى للمرحوم جدي الذي كان ولي أمري، ولم يعترض إلا على مسألة واحدة حل عقدتها زوجي العزيز بالانتساب إلى ديني؛ وأصارحك بأني ما كنت لآبه لمثل هذا الأمر أو أعيره التفاتي لولا أحكام الشريعة، أحكام الدين المنزل من عند الله، ولم نراع دين الحب الذي هو الله.
صمتت هنيهة ثم قالت: أحس في أعماقي أن الأديان كلها تستمد قوتها من روحانية الإنسانية، فلمَ لا نكون كلنا إنسانيين في الزواج وهو روحاني في الأصل ثم غريزي فاجتماعي؟!
ثم قالت: اتفقت وزوجي على أن ندع ولدنا على طبيعة يختار سبيلاً يوائم عقله ويتفق مع روحانيته وقد آلينا على أنفسنا رعايته كإنسان، وهكذا نكون قد نفضنا أيدينا من المشكلة التي سوف تحلّ عقدها الأجيال المستنيرة المقبلة بعد أن بذرنا بذورها!؟
أقبل الزوج لابساً بدلة (سموكنج) فقامت السيدة ولم يطل غيابها، وقد عادت بعد أن نضت ثياب البيت واستبدلت بها ثياب السهرة وقد برزت هي وزوجها كالإنجليز الاستقراطيين،