على ذلك الجبن والخور. جعل يبحث عشرين عاما ليقتنع بان ولده لم يفعل ذلك إلا لسبب جوهري عظيم، ولكنه كان يقابل دائما من الناس بالشفقة والرثاء لتقدم سنه وبإجابات كلها سلبيه؛ فلم يرتح إلى جواب منها يشفى به غليل نفسه. لقد ضحى ماله وكهولته ليعرف السر ولكن دون جدوى إلى ان طرق الباب علية أخيرا فرانز هجنوير. فقد سمع اسمه من جندي إنجليزي قال بان أسيرا ألمانيا مات قبل نهاية الحرب كان دائم التحدث عن الكابتن هجونير الذي كان يقاتل في سالي في اليوم الثامن عشر من أكتوبر عام ١٩١٦ في معركة السوم.
حينئذ تذكر القاضي بأن خطابا غربيا كان قد وصلة من ابنه ذلك الحين فقام واتى به كان مؤرخا في التاسع عشر من أكتوبر عام ١٩١٦ في بلدة سالي وقرا مارلو الخطاب وكان فيه:
والدي العزيز
اكتب إليك الآن لا لأذكر لك شيئا عن شجاعتي في الميدان أو كيف استولينا على حصن من حصون العدو بل لأطلعك اليوم على حادث غريب. فلقد هاجمنا الأعداء وتمكنا من التقدم في صفوفهم. وكان ضابطهم شابا شجاعا من فرقة جلوسستر جعل يقاتل حتى نفذ منه الرصاص، ولما وجدته اعزل هجمت علية وكدت اقتله إلا أن أحد جنوده دفعني على الأرض؛ وحينئذ تيقنت باني سأموت وأغمضت عيني وأنا أسلم أمري إلى الله. إلا أني حين فتحتهما وجدت ذلك الضابط وقد ألقى بسلاحه ولم يرغب في قتلي وأنا فاقد الحيلة. ولما حاول أحد جنودي قتله من خلفه أنقذته وتمكنت أن أدعه يفر من الأسر. وبذلك خنت زملائي وجنودي ووطني كما فعل هو من قبل. . .)
وضع الرجل الإنجليزي الخطاب بيد مرتعشة وحل الصمت بينهما طويلا ثم قفزت تلك الصورة أمام القاضي. ولده يكاد يشرف على الموت لولا شفقة ذلك الضابط الإنجليزي ورحمته له. كما تراءت له خيانة ولده ومساعدته لعدوه على الفرار. واختلط كل شئ في رأسه وسط ذلك الظلام الذي بدا يغمره الحجرة التي لا ينيرها سوى تلك الذؤابات الباقية من الشموع.
كان للجو الغريب الذي عاش فيه الرجلان في تلك اللحظة كل الرهبة. فها هو الخطاب