ما اكثر القوانين التي وضعت لتقييد الحرية فإذا بها تلتف حول عنقها لتخنقها وتزهق روحها؟! ما الفائدة إذا كنا سنصيح مرددين: إيه أيتها الحرية، كم من الجرائم ترتكب باسمك؟! لا بد من تحديد المدى الذي يجب أن نذهب إليه في تقييد الحرية حتى لا تنقلب إلى ديكتاتورية وعبودية. ولكي نحدد المدى سنسير مع الطريقة النفسية فنسأل أنفسنا أولا:
ما هو الغرض من تقييد الحرية؟! أليس الغرض هو الكف من ضرر إطلاقها للمحافظة عليها؟ لتكن قيود الحرية هي تلك القيود التي تؤدي حقا إلى تقدمها ونموها لا إلى تأخرها وضمورها وهنا تتضح الصلة الوثيقة بين التربية وبين المعنى الحقيقي للحرية التربية قيد ووسيلة. هي قيد نقيد به حرية المتعلم كوسيلة من وسائل المحافظة على نمو هذه الحرية وازدهارها. وهذا مقياس يمكن أن نقيس به نجاح التربية في الوقت الحالي. أهي قيد يزيد في حرية الإنسان وفي مدى تمتعه بالحياة؟ أم هي عبء ثقيل حرم الإنسان حريته ولا يزال يسلبه إياها كبيرا؟
هذا الطفل الناشئ! لماذا نعلمه؟ أليس غرضنا من ذلك أن نجعله أقدر على فهم مجتمعه والاندماج فيه والتمتع بأكبر قسط من الحرية في الحياة؟ ألسنا نزوده بخبرة من سبقه من الناس لينتفع بها في التغلب على ما يصادفه من عقبات، وكلما تمكن من ذلك اتسع مجال الحرية أمامه لينعم بالحياة؟ إن التربية قيد ضروري لحرية الإنسان وهي بذلك جزء لا يتجزأ منها وعلى العكس من ذلك لو زودنا الطفل بتعليم جاف جامد ليست له أية قيمة علمية في الحياة لن يستفيد منه قط ولن يستخدمه في تذليل ما سيصادفه من مشاكل وعقبات - وما أكثرها - في الحياة. لم يعطه ذلك التعليم أية حرية في الحياة. وهكذا يصبح في نظره مجرد قيد لا اكثر ولا اقل. . مجرد عبء يضاف إلى أعبائه فيثقلها، ومشكلة تضاف إلى مشاكله فتعقدها، ويكون مثل المتعلم في ذلك كمثل الحمار يحمل أسفارا
يتضح من ذلك أن رسالة المربي يجب أن تكون في العمل بالطريقة السيكولوجية (النفسية) لا المنطقية وفي التخلص من ديكتاتورية التقاليد وفي توطيد دعائم الحرية. . الحرية المقيدة لا المطلقة،. . والحرية المقيدة بأي نوع من أنواع القيود؟! بالقيود التي تزيد في الحرية نفسها
هذا هو الأساس الفلسفي لرسالة المربي في الحياة سواء أكان مدرسا أم غير مدرس. وتلك