للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك فحصوا هذا السؤال حتى يوضحوا فكرتهم عن الله ويجلوها.

من الجلي أنهم جميعاً يردون أي فكرة تؤدي إلى الاعتقاد بأن هناك ظلماً في عمله تعالى وهم يرددون دائماً بأن الله يفعل ما فيه صالح الخلق فإذا بحثت المعتزلة هذا الموضوع فيكون ذلك من جهة القدرة فقط، وليس من جهة عمل الظلم فعلا من لدنه تعالى. فيكون الموضوع مجرد بحث نظري. وعلى هذا الشكل نجد حلين مختلفين لهذا السؤال عند المعتزلة.

الحل الأول: القول بالقدرة:

القائلون بها من المعتزلة هم ابو الهذيل العلاف وأبو موسى المردار وجعفر بن حرب وبشر بن المعتمر. وقولهم مقتضى أن الله يمكنه أن يفعل الظلم ولكنه لا يفعله أبداً وأوضح المردار حجتهم في ذلك بقوله: أن الله يوصف بالقدرة على العدل وعلى خلافه وعلى الصدق وعلى خلافه، لأن هذه هي حقيقة الفاعل المختار أن يكون إذا قدر على فعل شيء قدر على ضده وتركه ولكن يضيف المردار إلى هذا قوله: ولو فعل تعالى مقدوره من الظلم والكذب لكان إلها ظالماً كاذباً وهذا ما يناقض فكرة الله عند المعتزلة وتعريفهم له تعالى إذ يقولون أن ذات الله هي الكمال والظلم لا يقع إلا عن كائن غير كامل. فإذن يستند أصحاب هذا الرأي على فكرة الاختيار عند الله ليقرروا أنه تعالى قادر على الظلم؛ ولكنهم يعودون ويقولون أن الله لا يفعله. ويقول أبو الهذيل في هذا الصدد: أن الله يقدر على الظلم والكذب ولكنه لا يفعلهما لقبحهما وهو تعالى كامل لا يفعل القبيح. ويضيف جعفر بن حرب قوله: لن يسأل هؤلاء المعتزلة: أفمعكم أمان من أن الله لا يفعل الظلم وهو قادر عليه؟

(أ) قلنا: نعم هو ما أظهر من حكمته وأدلته على نفي الظلم والجور والكذب.

(ب) فيستنتج من ذلك أن المعتزلة القائلين بقدرة الله على الظلم لأنه مختار لأفعاله يذهبون في آخر الأمر إلى القول بأنه لا يفعل الظلم لأنه تعالى كامل ولأن الظلم قبيح في ذاته. ولهذين السببين يقولون أن الله مع قرته على الظلم لا يفعله.

الحل الثاني: القول بعدم القدرة:

يقول النظام وعلى الأسواري والجاحظ والإسكافي أن الله لا يوصف بالقدرة على الظلم

<<  <  ج:
ص:  >  >>