طريقته المرسومة إلى غايته المعلومة يقظ القلب نافذ الهمة لا يعمي
وجهه ضلال، ولا يقطع سبيله عقبة
أجل، إن اختيار الشاذلي باشا لوزارة الشئون الاجتماعية سبب من أسباب النجاح لها والثقة بها ما في ذلك شك، فإن عهد الناس بهذا الرجل قوي الارتجال عسكري الإرادة. وهم لا يفتئون يذكرون أنه أشعر المصريين عزة الوطن، وعود الأجانب احترام الدولة، بأمر يسير واحد حرص عليه وألح فيه، هو أن يعزف أصحاب المسارح والسينما السلام الملكي في ختام كل حفلة. ولكننا لاحظنا أن وزارة هذا الرجل السكوت الفعول قد أخذت في هذه الأيام تسرف في نسج الكلام وقطع الوعود ووضع المشروعات وتقديم المقترحات وتأليف اللجان، فذكرنا ذلك وزارة المعارف في عهد من العهود إذ كانت تؤلف كل ساعة لجنة، وتضع كل يوم مشروعاً، وتسن كل أسبوع نظاماً؛ ثم ينتهي الأمر بأكثر أولئك إلى ما تنتهي إليه الفقاقيع الغازية على وجه الماء الآسن!
لقد أكرهتنا حكوماتنا المتعاقبة على أن نفهم أن تأجيل الموضوع للبحث معناه إهماله، وتحويل المشروع إلى لجنة معناه إغفاله. فهل يجوز أن نخشى مثل ذلك من هذه الوزارة الوليدة وهي لم تبتل بعد بجمود الموظفين الآخرين وروتين الوزارات الأخريات؟
إن الدم الجديد في هذه الوزارة، والروح المتوثب في هذا الوزير، يذهبان الخيفة من جهة التفريط والنكول، ولكنهما يوجبان الحيطة من جهة الإفراط والتهور. وكفى بهذه الظنة باعثاً على كتابة هذه الكلمة
إن وزارة الشؤون الاجتماعية تجديد رسمي لدعوة النبوة؛ وهي بحكم وجودها وطبيعة عملها وزارة الجمهور؛ فلا مندوحة لها إذن عن نهج سبيل الدين في محاربة الفساد بالأناة والحكمة. فإن مصادمة الموجود بالطبيعة مدعاة إلى الفشل، ومقاومة المألوف بالعادة مجلبة للنفور، ووسيلة النجاح في هداية العامة الحيلة والتدرج. والله عزت حكمته لم يشأ أن يقيد الزواج ويحرم الخمر ويحظر الرق دفعة واحدة؛ وإنما استدرج الغرائز والأهواء إلى حدود المعروف شيئاً فشيئاً حتى اطمأنت إليه ورغبت فيه
ما للوزارة على حداثتها تبدأ منهاج الإصلاح من آخره، فتريد أن تعرض لما يتصل بالحرية أو بالعقيدة كأن تقيد الزواج وتحدد السهر وتحرم على بعض الناس اللهو؟ إن ذلك