للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وإن كان له أثره في صلاح المجتمع لا يحسن أن يكون أول ما تعمل. وربما كانت هذه الأمور التي تنكرها ظواهر لبعض الأدواء الاجتماعية تزول بزوالها. أما الرأي الذي تأمن عليه من المعارضة والفوضى والتشعث فهو أن تحرر دستورها الإصلاحي تحت ثلاثة عناوين هي الفقر والجهل والمرض، فإنها جماع العلل التي يصدر عنها كل فساد وينجم منها كل شر؟ ثم تحاول بجهادها المتصل في شتى الميادين أن تمحو الأمية وتقتل الجوع وتجتث أصول العلة، حتى إذا وجدت أمامها بعد ذلك شعباً صحيح الجسم نير الفهم مكفي الحاجة استطاعت أن تأخذه بوسائل الكمال كتوحيد الأزياء وترقية الغناء وتهذيب التقاليد وتنظيم الأسرة وتمدين الجماعة. على أن ذلك كله يكتسبه الشعب من ذات نفسه متى أدرك قسطه الضروري من ثقافة العقل والروح والبدن. وعسى ألا يقع في ظنك من هذا الإجمال أني أخلط بين اختصاص هذه الوزارة واختصاص وزارات المعارف والأوقاف والصحة؛ فإن وزارة الشؤون الاجتماعية بحكم اختصاصها الشامل لحياة الجماعة في المدينة والقرية لا بد أن تتصل بالثقافة والسلامة والإحسان من جهاتها العامة؛ ولكنها لا تعلم كالأستاذ، ولا تعالج كالطبيب، ولا تحسن كالواقف. وسترى في فصولنا التالية كيف يتميز عملها من عمل غيرها، حين نفصل الكلام في هذه العناوين الثلاثة: الجهل والفقر والمرض

أحمد حسن الزيات

<<  <  ج:
ص:  >  >>