بالأصح يونانياً، لأن العنصر الأساسي فيه أقبل من بلاد اليونان. إن الفلسفة وجدت دائماً في بلاد الإسلام ولكنها بعد عام ١٢٠٠ طغت عليها الموجة الدينية وقضت عليها، وساد بعد ذلك علم (النجوم) لأنه وسيلة لتحديد أوقات العبادات)
ثالثاً: يقول رينان ما ترجمته (حركة الترجمة العجيبة التي وجدت إبان ذلك كانت كلها من وضع الفرس والنصارى، واليهود والحرانيين، والاسماعيليين، والمسلمين الذين ثاروا على دينهم، وهذه الحركة لم تلق من علماء الإسلام إلا كل اضطهاد، لأن الإسلام في واقع الأمر يعادي دائماً العلم والفلسفة، وانتهى بالقضاء عليهما. الإسلام صارم يتحكم في العبد وفي دنياه وفي أخرته، هو ذلك القيد الثقيل الذي لم تصب بمثله الإنسانية في تاريخها. . . لا يمكن أن نطلب من العلم ولا من الفلسفة احترام الإسلام، كما لا يمكن أن نطلب من المكتشفات الحديثة والعلم الحديث احترام رجال الدين عامة)
الرد على نظرية رينان
أولاً - إن ما يأخذه رينان على بلاد الإسلام من تأخر لا يمكن أن يرجع إلى الإسلام ومبادئه، لأن هذا الدين وهذه المبادئ كانت في يوم ما من أيام التاريخ وسيلة للانتشار والحضارة والتقدم أثناء ازدهار الإسلام خاصة في عهد الرشيد والمأمون وهو ما يشابه عهد شرلمان في أوروبا، وأن هذا الانتشار وهذا التقدم كان له الأثر الطيب الذي لم ينكره الأوربيون أنفسهم خصوصاً في حركة الترجمة التي قام بها علماء اليهود الأعلام في أسبانيا وآباء الكنيسة إبان القرن الثالث عشر الميلادي، وأن مرجع هذا التأخر يعزى في واقع الأمر إلى أسباب تاريخية محضة لا مذهبية هي: أن إغارة الترك والتتار والمغول، وهي أمم من (غجر) الشعوب بائسة في الفهم والحضارة، قد عاقت تقدم الإسلام ومنعت ازدهاره (اقرأ فاجيري عن الإسلام)، وبجانب هذا فإن الإسلام دين كسائر الأديان الأخرى كاليهودية والنصرانية، فما يؤخذ عليه يمكن أن يؤخذ على هذه الأديان؛ ومع ذلك فهو يمتاز عنها بأنه لا يمكن للباحث أن يعثر فيه على نص يحرم به العلم والتعلم كالذي نجده مثلاً في (الإنجيل) باب القديس بولس، البند الخامس. ثم لا تجد في الإسلام قوة تتوسط بين الله والعبد تسيطر عليه باسمه تعالى كسيطرة الكنيسة إبان القرون الوسطى. وكذلك في العهد الحديث تجد فرقاً بين أن يطلع القارئ على ما كتبه شيخ الإسلام فضيلة الأستاذ الأكبر