تسمع الدعوى لنفقة عدة تزيد عن سنة من تاريخ الطلاق، كما أنه لا تسمع عند الإنكار دعوى الإرث بسبب الزوجية لمطلقة توفى عنها زوجها بعد سنة تاريخ الطلاق) (المادة ١٧ من المرسوم بقانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩) بخلاف الأحكام التي أوردها متفقة وأحكام الشريعة ولو في بعض المذاهب فقط، كقوله (لا يقع طلاق الكران والمكره)(المادة ١ من المرسوم بقانون سالف الذكر).
على أن سلوك المشرع المصري لهذا الطريق السلبي مبنى على قاعدة شرعية مقررة وهي (تخصيص القضاء بالمكان والزمان والحادثة) إلا أن تطبيق هذه القاعدة في مصر محل نظر ليس هنا مجال التبسيط فيه. وحسبي أن أجتزئ ببيان أن المقصود بهذه القاعدة وما يتفق مع ما حدث من تطبيقها في جميع عصور الإسلام المتقدمة، هو تخويل ولي الأمر، بما له من الولاية القضائية العامة، الحق في تنظيم هذه الولاية بين قضاته بما يتفق والصالح العام ومصلحة المتقاضين وحال القضية من أن بعضهم أكثر صلاحية للحكم في بلد دون آخر، وفي زمان معين دون زمان آخر، وفي بعض الدعاوى دون بعض. وليس المقصود بهذه القاعدة حرمان المتقاضين من التمتع بالآثار المترتبة على ما أحله الشرع، وإلا كان في ذلك تعطيل لبعض أحكامه الخاصة بترتب الآثار المتقدمة على تصرفات أجازها مما لا يدخل في نطاق هذه القاعدة ولا يمكن أن يكون مقصوداً بها. ولهذا قرر جميع من تعرضوا لبيان هذه القاعدة من أمثال أبن فروجون في تذكرته والماوردي في أحكامه السلطانية أنه إذا كف ولي الأمر جميع قضاته عن سماع الدعوى بناء على هذه القاعدة، وجب عليه أن يسمعها بنفسه كي لا تتعطل بعض أحكام الشرع، فليرجع إلى ذلك من شاء.
ومما تقدم يتبين بجلاء للأستاذ عبد المتعال أن الطريق السلبي الذي أشار إليه ليس طريقاً للتحريم بحال في وضعه الحالي، بل ولا يجوز (شرعاً) أن يترتب عليه تعطيل لبعض الأحكام المترتبة على تصرفات شرعية صحيحة ولذلك لم يقل به معالي عبد العزيز فهمي باشا في مسألة تعدد الزوجات، وما كان هذا الطريق ليخفى على مثل معاليه، ولكنه أراد شيئاً، مغايراً لما عناه الأستاذ، أراد (تقرير) التحريم بقانون على أنه حكم الشرع كما فهمه معاليه من النصوص القرآنية، لا (إنشاء) حكم جديد فعنوان مقالاتي في الرد على معاليه