الأدب الغربي الذين ترجمت وزارة المعارف كتبهم في عهود مضت وتزمع الآن ترجمتها، فإن كثيراً منها يعد نقلها إلى العربية من الكماليات
يعرف الملمون بالأدب الغربي أن اختيار المؤلفات التي تفيد ترجمتها أمر في غاية الدقة، إذ أن كثيراً منها ترجع قيمته إلى اللغة الأصلية وإلى الفنون الأدبية والأوضاع الاجتماعية المحلية، فهي حافلة بإشارات لها مدلولها في ذهن قارئها في بلادها أو على الأكثر في البلاد القريبة الشبه بها في البيئة. ولسنا نأتي بجديد إذا قلنا إن الناحية الفنية في الأدب الغربي تتأثر كثيراً بالنقل إلى العربية لبعد الشبه بينها وبين اللغة الأصلية. بل إن المعاني الأدبية العميقة في الأدب الأوربي العويص كثيراً ما تخفى على غير المتعمقين فيه من المبتدئين في الاطلاع، معتمدين على مجرد فهم المعنى اللفظي دون أن يغوصوا إلى ما وراء اللفظ وما بين السطور
فخير لوزارة المعارف أن تختص بعنايتها بالنقل إلى العربية الكتب التي تستساغ لدى قراء العربية دون غيرها من اللغات، فتنسجم ضمن غذائهم العقلي ولا تفقد معانيها شيئاً بالترجمة لأنها تتناول مادة عامة وعلى الأخص الكتب التي تتناول مادة أصلها عربي ككتاب هانوتو، فإن معانيها تزداد في العربية وضوحاً
والكتب التي من هذا القبيل كثيرة في اللغات الأوربية، من أهمها كتب المستشرقين في تاريخ العرب والإسلام، وقد سبق أن عرض كتاب هذه السطور مقترحاً بترجمتها أيام وزارة المرحوم زكي باشا أبو السعود، كما تكلم في هذا الشأن مع المرحوم الشيخ شاويش
ولا جدال في أن ترجمة المؤلفات المذكورة تعد من قبيل رد مادة إلى أصلها العربي فتزداد بالترجمة وضوحاً كما أنها تدخل مع ثقافتنا في نسق واحد مستساغ
على أن أهم ما أقصده من كتابة هذه الكلمة أن أتناول الرأي الأساس في نشر الثقافة عن طريق تكليف بعض المؤلفين أو المترجمين وضع كتب أو ترجمتها
هذا الرأي على عدم خلوه من فائدة كما قدمت لا يؤتى في النهاية إلا ثمرة محدودة الفائدة، وليس فيه دواء حاسم للمشكلة الأصلية وهي فقر الثقافة وعدم انتشارها
لا شك أن أفاضل المؤلفين والمترجمين الذين كلفتهم الوزارة القيام بذلك العمل سيبذلون جهداً مشكوراً وستظهر لهم كتب قيمة، إلا أن الداء الأساسي سيظل كما هو