والبيئة. أما في زمن الحرب فتتحكم السادية في العقل الواعي وحينئذ يتحرك الحيوان الرابض في الأعماق ليقضي على فريسته. وليس هذا الحيوان سوى الإنسان البدائي الذي ما زال متمتعاً بكامل قوته وعدته.
وحين تسير الجيوش لملاقاة العدو يتناسى كل جندي شخصيته ويعود إلى ماضيه الفطري ويعمل كما كان يعمل آباؤه الأولون. وهو في هذه الحالة يشعر بأنه ليس طوع نفسه، ولكنه رهن الإرادة البشرية الأزلية التي تسيطر على سرائرنا جميعاً. أما إذا أمعن الجندي في وعي ذاته - وشعر بأن شخصيته قائمة بذاتها لم تستطع روحه الاندماج مع الروح التي تقود زملاءه الجنود إلى التلاحم مع العدو.
ويصيب بعض الجنود مرض الهستريا أو القلق العصبي بتأثير الحرب؛ ففي الحالة الأولى قد يعتري الجندي شلل في إحدى ذراعيه أو كلتيهما، أو في إحدى رجليه أو كلتيهما، كما قد يغتابه العمى الهستيري بتأثير الغازات الخانقة مثلاً، أو الصمم بتأثير القنابل، وكل هذه الأعراض نفسية يمكن شفاؤها بالعلاج النفسي.
ويشعر المريض بالقلق العصبي بالخوف وخفقان القلب واهتزاز لأعضاء وغير ذلك، أما شفاؤه فليس بعسير.
وقد وجد أن بعض المصابين بمستهل جنون المراهقة أشد ثباتاً وأرسخ نفسية من بعض زملائهم لانطفاء انفعالاتهم وعواطفهم، فلم لا يلمون بالأخطار المحدقة بهم، ويسيرون في الصفوف كالبهم السائمة.