وقال: أن الدين الإسلامي عالج أحوال العرب بكل تؤده، وتدرج في كثير من الأنظمة (وفي الموضوع الذي نحن بصدده الآن قد ترك القران الناس على حريتهم وعاداتهم يتزوجون أي عدد من النساء يريدون. وغير صحيح - في نظري - انه أحد من هذه الحرية نصا أي تحديد، بل كل الأمر انه نبههم إلى القاعدة الأساسية في تشريعه، وهي مراعاة العدل والابتعاد عن مزالق الجور، فأوجب على المسلم عندما يقوم في نفسه الخوف من عدم العدل أن يقتصر على زوجة واحدة، ثم أكد هذا المعنى تأكيداً لا هوادة فيه بقوله: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم)؛ فاصبح الأصل الواجب أن يجتذبه كل مسلم يريد الاحتياط لنفسه هو الاقتصار على زوجة واحدة).
ثم قال بأنه يحل الخروج عن هذا الأصل إلى التعديد في حالتين: الأولى إذا إنعدم الشرط بان انتقى موطن خوف الجور بتاتا كحالة زوجة مريضة أصبحت نهائيا لا تصلح للمباشرة؛ والحالة الثانية إذا أقضت الضرورات الماسة إباحة التعديد كحالات الحروب التي يقتل فيها الرجال، فلا محيص من تعديد الزوجات تكثيرا للنسل من الذكور.
ثم تناول مسالة خصوصيات النبي فقال: أنها فيما يتعلق بالزواج ليست خصوصيات تمتع، بل خصوصيات حرمان أو تكاليف مست إليها الضرورة لتحقيق المصالح الدينية والاجتماعية، وقضت بها السياسة الشرعية القائم هو دون غيره بإجرائها. وفصل القول في الحالات التي تزوج فيها بعد نزول الآيات السابقة مبينا مبرراتها التي منها - في مسالة زينب بنت جحش - أن الغرض منها أبطال عادة التبني وما يترتب عليها من تحريم مطلقة المتبني أو المتوفى عنها، وذلك بشيء عملي يهر الناس، فاختار الله النبي ليكون هو مثال المتبني الذي يدور على شخصه تحقيق موجب التشريع، وعلى هذا يكون الذي أخفاه في نفسه هو تأذيه من أن يكون هو المبتلي بذلك.
ومن تلك المبررات لجوء المطلقات والأرامل والبائسات إليه، وعد كل ذلك محنا وتكاليف مشوبة بالمشقة والحرمان، ومن ذلك المؤمنة التي تهب نفسها للنبي، ومثل لها بقوله: (بحسبك أن تتخيل أن الحكومة المصرية مثلا أصدرت قانونا يلزم كل من تولى رياسة الوزارة أو مشيخة الأزهر أن يتزوج أية امرأة مصرية مؤمنة تعرض نفسها عليه - بحسبك هذا لتدرك أن يوما واحدا لا يكاد يمضي على صدور مثل هذا القانون حتى يضج