والأستاذ احمد أمين بك رجل اخذ حظه ومكانته، فلن ترفع من قيمته دكتوراه فخرية، ولا يغض من مكانته عدم حمله لهذا اللقب الذي يحسبه بعض الناس كل شيء في العلم والمكانة، وكم بيننا من (دكاترة) ليس لهم من اثر ومن صلة بالعلم الأجمل هذا اللقب الضخم، ولكني اكبر هذا الوفاء من رجال كلية الآداب واحمد لهم هذا تقدير للعلم في ذاته، وإكبار له في شخص رجل بذل في سبيل العلم نور البصر، وضحى بحياة الرفاهية والتقلب في أعطاف الراحة.
اجل، لقد وقف الأستاذ احمد أمين حياته على خدمة العلم، وقدم للمكتبة العربية تراثا ضخما من البحث والدرس يستحق به كل تقدير، وسيمتد هذا التقدير في نفوس الأجيال المتعاقبة، ما دامت الثقافة العربية زاهرة مشوقة. أقول هذا ولعل القراء يذكرون أني هجمت على هذا الأستاذ الفاضل منذ قريب في الرسالة لرأي أبداه ولمست فيه شيئا من الإسراف، وحسب أستاذنا صاحب (الرسالة) أني اجحد فضل هذا الرجل. . . كلا! ولكني افضل دائما بين الرأي وصاحبه، وان خطا من الأخطاء لا يحملني على أن اجحد ما هناك من حسنات، خاصة وليس في نفسي شيء من أحد والحمد لله. وقد كنت في دروسي اخذ بتلايب أساتذتي ولكني كنت أجلهم واحبهم حبي لوالدي، وما زالت هذه صلتي بهم. فلا عجب أن اغتبطت بهذا الخبر، وأكبرت هذه التقدير لذلك الأستاذ الجليل. . .