ومن قال الإمام العبد إن الأمة المراكشية كانت نعسانة، وأنها كانت في حاجة إلى العود والقانون لتستيقظ على أنغامهما؟ أما قوله إن السلطان كان في نشوة فهذا صحيح. أما قوله (راحت تدير شؤونهم سلطانه) فخطأ محض؛ لأن الفرنسيين لم يقفوا متفرجين بل كانوا قابضين على ناصية الأمور بيد من حديد.
على أنك لن تجد من الشعراء من قال فأضحك وأبي بالنكتة اللاذعة التي اشتهر بها الحشاشون غير إسماعيل صبري فإنه قال:
يا المراكش وفد الغناء أني ... من مصر يسعى لمولاكم على الراس
لا تنكروا نكتة في طي بعثته ... فالعود أحسن ما يهدي إلى (فاسي)
ففي كلمة العود تورية. فهي بمعنى الآلة الموسيقية المعروفة وبمعنى عود البخور. وكذك في كلمة (فاسي) تورية فهي إما نسبة إلى مدينة فاس أو اسم فاعل لا يخفى معناه. وهكذا تناول إسماعيل صبري الموضوع على هذا الوجه المضحك. وقد بقيت صحيفة المؤيد تنشر هذه المقطوعات مدة من الزمن ثم أقفلت الباب فجأة منوهة بما يصلها يوميا من الأشعار، ذاكرة أنها نشرت ما فيه الكفاية.
ولكن هذه الحملة التي شنها الكتاب والشعراء لم تغير من موقف سلطان مراكش ولم تترك في نفسه أثرا. فقد جاءت الأخبار بوصف حفلات الغناء والرقص التي أقيمت في البلاط السلطاني، كما وردت الأنباء بالهدايا والتحف التي وهبها السلطان لضيوفه.