النفس وان تمتنع فإذا هي لا تلاحظ إلا ما في هذا الاضطراب من غرابة تدعو إلى الاشمئزاز. . . فلو أردت يا نفس كان كل هذا سخيفاً.
أركسيماك - وإذن فأنت تستطيع حسب استعدادك أن تفهم وإلا تفهم، وان ترى الشيء جميلاً أو تراه سخيفاً كما تحب وتهوى؟
سقراط - يجب أن يكون ذلك كذلك. . . .
فيدر - أتريد أن تقول أيها العزيز سقراط أن عقلك ينظر إلى الرقص كأنه شخصغريب يحتقر لغته ويرى أخلاقه شاذة بل مؤذية بل فاحشة كل الفحش.
أركسيماك - يخيل إلي أحياناً أن العقل هو الملكة التي تمتاز بها نفسناً والتي تمنعها من أن تفهم جسمنا بأي حال من الأحوال!
فيدر - أما أنا يا سقراط، فان ملاحظة الرقص تمكنني من أن أتصور أشياء كثيرة وأتصور الصلات بين أشياء كثيرة. وهذه الأشياء تصبح فوراً فكرتي الخاصة وتكاد تفكر مكان فيدر. واجد ضوءاً ما كنت قط لأجده في الخلوة إلى نفسي وحدها. ولقد كانت اتكتيه منذ حين تخيل إلى أنها تصور لي الحب. - أي حب؟ - لا هذا ولا ذاك، ولا أي مغامرة سخيفة! - لم تكن تصور شخص الحبيبة من غير شك. . . لم تكن تخيل، لم تكن تمثل! كلا. كلا. لم تكن تخترع الخيال. . . ولم نتكلف أيها الصديقان حين نستطيع أن نتصرف في الحركة وفي المقدار وهما خير ما في الحقيقة من الحق؟. . كانت إذن حقيقة الحب ولكن ما هذه الحقيقة؟ ومم هي؟ وكيف تحديدها أو تصورها - ونحن نعلم أن روح الحب إنما هي الفرق الذي لا يقهر بين العاشقين، على حين أن مادة الحب الرقيقة إنما هي اتحاد رغبتهما فيجب إذن أن يلد الرقص بدقة معالمه، وبجمال وثباته، وبرقة وقفاته، هذا الكائن الكلي الذي ليس له جسم ولا وجه، ولكن له منحاً وأياماً ومصائر ولكن له حياة وموتاً بل ليس هو إلا حياة وإلا موتاً، فان الرغبة إذا نشأت لم تعرف نوماً ولا هدنة.
ولهذا تستطيع الراقصة وحدها أن تظهره للعيان بأعمالها الحسان. كلها يا سقراط، كان الحب!. . . كانت لعباً وبكاء وتكلفاً لا غناء فيه، سحر، سقوط، منح والمفاجاءات، ونعم ولا، وكل هذه الخطى الضائعة في حزن. . كانت تحتفل بكل أسرار المحضر والمغيب، وكأنما كانت أحياناً تمس الكارثة التي لا تمحي. . . ولكن الآن انظر إليها تقرباً إلى