للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفروق بين أنواع الفعل بوجه عام، ولنصل إلى مميزات الفعل الإرادي، وما هو دور الكف والتركيز في عملية التنفيذ) وهو لا يعني بالجسم وأوضاعه على هذا الوجه فحسب، بل يؤمن أيضاً من ناحية أخرى بأنه لابد من بحث صلة الفعل الإرادي بالعوامل النفسية البحتة قبل التطور الذهني والانفعال والضبط، على أن يكون هذا البحث على نمط علمي بعد أن طال النقاش حوله في الميدان الفلسفي).

فأساس نظريته إذاً هو التكامل. وهذا يتجلى بوضوح في محاولة الربط بين العوامل النفسية في الفعل الإرادي وبين الحديث عن الوسائل التي تحدد لنا حالات الجسم. هذا من جهة، ومن جهة أخرى يقول بوجود صلة بين النشاط الإرادي وما يسميه بالمجال الحيوي وهو المجال الذي يضمن للشخص توازناً عاماً يحقق به أغراضه الحيوية. وعنده أن المجال الحيوي يتوقف على مجالات أخرى مثل المجال الجسمي والمجال الاجتماعي والمجال الطبيعي والمجال الذهني، فالمجالات الثلاثة الأولى يشمل كل منها المجال الذي يسبقه، فالمجال الطبيعي يشمل المجال الاجتماعي، ويشمل هذا بدوره المجال الجسمي، وأما المجال الذهني فإنه يربط بين هذه المجالات كلها.

فهو إذن عالم يدرس مسائل الاجتماع ومظاهر الطبيعة، وحالة الإنسان، ينتهي منها جميعاً إلى الرأي الذي يعمل به في علاج الحالات المرضية المختلفة. وليس أدل على نزاهته العلمية من قوله: (ولم يكن بيير جانيه مخطئاً حين نسب إلى النشاط الحركي وإلى العمل العضلي قدراً من المجهود أكبر مما يبذله النشاط الذهني، وذلك لأن الأفعال الفكرية، أفسح حرية من الأفعال الحركية الخارجية). فهذا الرأي يخالف ما هو شائع بين عامة الأدباء الذين يريدون أن ينسبوا إلى أنفسهم امتيازاً على العامة في المجهود الذي يبذلونه، والمشاق التي يتكبدونها، والذين يقولون دائماً أن نشاط الذهن أثقل على النفس وأدعى للتعب من المجهود اليدوي.

والذي أعتقد أن الذي أفاد الدكتور كثيراً في دراسته هو عنايته بالدراسة العملية من جهة واشتغاله بمعالجة الحالات المرضية من جهة أخرى. ولذلك كثرت في كتابه الأمثلة التي يذكرها تأييداً لفكرته في أنه إذا شئنا معالجة المرض النفسي فعلينا أولا وقبل كل شيء أن نغير من المجال الذي يعمل فيه الشخص المريض، كما أنه من الواجب أن نوفر له الجو

<<  <  ج:
ص:  >  >>