الذي يتلاءم مع طبيعة مرضه؛ فالحالات المرضية الداخلة في نطاق علم النفس تحتاج إلى معرفة طرق التغيير وا تكتفي بالوقوف على الحالة الراهنة وعلى نوع المرض. ففكرة المجالات الحيوية من شأنها أن توجد لنا حلولا كثيرة لأمراض بقيت ألغازا إلى يومنا هذا وعلى هذا الأساس قال بصراحة الطبيب والعالم معا؛ (فالعدد الكبير من المصابين بالامراض العقلية في العالم لا يمكنه أن يجد الشفاء بين جدران المستشفيات، ويتطلب أغلبهم مجالا خاصاً يساعدهم على استرجاع توازنهم العقلي وضبطهم الإرادي. فمن العبث إذاً محاولة علاج المصاب بالشعور بالنقص عن طريق الوعظ أو الحقن، فلابد من أن نضعه في المجال الذي يرجع له ثقته بنفسه ليقاوم حسب مقدرته الخاضة).
والذي آخذه على الدكتور هو أنه كان يذكر أحياناً كثيرة بعض أسماء العلماء باللغات الأجنبية دون محاولة ترجمتها صوتياً في ألفاظ عربية. وكذلك كان يفعل أحياناً عند ذكر الكتب وأسمائها. والأفضل أن يذكر الكتاب بلغته الأصلية وبالترحبة العربية لاسمه في الوقت نفسه. ومن حيث المراجع التي أشار إليها في أسفل الصفحات تعد دقيقة ومتقنة، بيد أنه ينقصها الترجمة بل إن الترجمة العربية لها وحدها تكفي طالب علم النفس والقارئ العادي. وآخذ عليه أيضاً أنه مقل في الكتب التي يظهرها مع حاجتنا الماسة إلى مجهود كبير في هذا الباب من الدراسات النفسية. ونحن في بدء نهضة عملية من هذا النوع يفيدها الاطلاع والقراءة أكثر مما يفيدها عمل الدكتور الخاص في معمله أو في عيادته. وحبذا لو قام مع بعض تلاميذه بترجمة بعض الكتب الهامة التي تعد من المراجع الأساسية في علم النفس. وأما من جهة اللغة التي كتب بها الكتاب فعلى الرغم من سلامتها ومن امتيازها على كتاباته السابقة فإنها ينقصها عنصر المرونة والتوضيح. فكثيراً ما كان الدكتور يكتفي بالفكرة يذكرها عارية في جملة أو جملتين دون أن يحاول تفنينها وربطها بما يليها ربطاً جيداً. ومن هنا بدا الكتاب جملة من اللمحات والضربات الخاطفة. . .
وهذا، على كل حال، لا ينقص من قدر الكتاب، بل على العكس يدل على أن الكمال الإنساني مستحيل. وللدكتور منا الإعجاب بعمله القيم النفيس.