أقول: حيا الله شعب العراق، فقد حال دون خرق السفينة العربية بهبته في وجه المعاهدة التي تهدد سلامة السفينة إذا اختلفت إحدى الشقيقات مع الإنجليز. . . وحيا الله دولتي سوريا ولبنان، فقد أبتا أن تصنعا في مكانهما شيئا برفضهما التعاهد مع الإنجليز حتى ينتهي الخلاف بينهم وبين مصر، وعلى جامعة الدول العربية قائدة السفينة أن تتذكر فتتدبر.
لقد قوض العرب الأولون أركان الدولة الشرقية (الفارسية) والدولة الغربية (الرومانية) وكانت عدتهم في ذلك الوحدة والأيمان والتضحية ونحن ألان لا عاصم لنا من الكتابة الشرقية والكتلة الغربية إلا هذه الصفات، ويخيل إلى أننا أخذنا بالوحدة واقتربنا من الإيمان، ولكنا لا نزال بعيدين عن التضحية لأننا غارقون في الأثرة متعلقون بالرياسة وحب السلامة.
ويوم تتم لنا تلك الصفات تجد (الكتلة العربية) مكانها على قدم المساواة أن لم يكن في موضع المتغلب، وليس هذا اليوم ببعيد،
نشوء القومية في المانيا:
كان (نشوء القومية في المانيا وتصادم النظريتين الألمانية والفرنسية في تعريفها وتحديدها) موضوع المحاضرة الثانية من سلسلة المحاضرات التي يلقيها الأستاذ ساطع الحصري في الجمعية الجغرافية الملكية والتي حدد لها يوم السبت من كل أسبوع.
قال الأستاذ: كانت المانيا في أواخر القرن الثامن عشر إمارات ودويلات متفككة سياسيا وان كانت ذات وحدة لغوية ثقافية ولم يكن أهلوها يشعرون بالقومية، وكان علماؤها وأدباؤها يتجهون في تفكيرهم وإنتاجهم نحو الإنسانية والعالمية فلما قامت الثورة في فرنسا أيدوا ارتياحهم أليها مؤملين أن تقضى على النعرات الوطنية وتهدف إلى تحقيق الخير للبشر ولكن لم يلبث أملهم أن خاب عندما غزاهم نابليون، وفرض عليهم حكما استبداديا لحقت بهم الكوارث من جرائه؛ فشعروا بالحاجة إلى الوحدة والتكتل وبدا المفكرون يوجهون الشعب نحو القومية، وشرع الأدباء والشعراء في إنتاج الأدب الوطني الحماسي الذي جعل لهذه الفترة مظهرا بارزا في تاريخ الآداب.
وكان على راس أولئك المفرين (فخته) الذي دعا إلى محاربة التفرق واضعف والى تعميم