التعليم وتربية الشعب تربية تنتقي فيا الأنانية، وبث في أبنائه أن عليهم رسالة كبيرة يؤديها للبشر عامة، برفع شان وطنهم أولا، ثم نشر الرسالة في خارجه وبهذا مزج بين الوطنية والعالمية، وكان يوجه كلامه إلى سكان جميع البلاد التي تتكلم الألمانية برابطة اللغة.
وأدت هذه الحركة إلى تكوين جامعة الدول الألمانية التي كانت تنظم العلاقة بين هذه الدول وإن كان يحكم كل منها حاكم مستقل وتحققت وحدة اقتصادية وتقدمت الصناعات وقوى الجيش. ووجدت المانيا الفرصة سانحة في الانضمام إلى الحلفاء ضد نابليون فاشتركت في حربه معها، ولكن الحلفاء بعد أن تغلبوا على نابليون عاكسوا الحركة القومية في المانيا زمنا طويلا، حتى قيض لها بسمارك، فعمل على تحقيقها بمختلف الوسائل.
وبعد أن أفاض الأستاذ في بيان ذلك انتقل إلى النقطة الثانية من المحاضرة، فقال انه في خلاف تلك الحوادث نشأت نظريتان في تعريف القومية: النظرية الألمانية القائلة بان القومية كائن حي روحه اللغة الواحدة، والنظرية الفرنسية التي تقول بان القومية ليست كذلك وإنما هي شئ يقوم على مشيئة الشعب، وواضح أن كلا من النظريتين كان يدفع أصحابها إلى القول بها مصالح بلاده فالفرنسيون لا يقولون باللغة أساسا للقومية لأنهم كانوا يريدون أن يضموا جزءاً كبيرا من المانيا إليهم بحيث تكون حدودهم عند نهر الرين، والألمانيين يقفون في سبيلهم داعين إلى وحدة بلادهم وهي ذات لغة واحدة.
واستعرض الأستاذ آراء كل من الطرفين، ثم قال انه كان متأثرا بالنظرية الفرنسية ولكنه بالبحث والتأمل تبين له بطلانها لأن المشيئة ليست أمرا ثابتا محدودا، وارد حوادث دلت على تغيرها، ولأن هذه المشيئة إنما تكون نتيجة للعوامل الأساسية كاللغة والتاريخ، وختم الأستاذ المحاضرة بقوله أن صحة نظرية القومية القائمة على اللغة وفساد نظرية المشيئة، سيتبين بشكل أوضح في المحاضرة القادمة عندما نتكلم على الفكرة القومية في النمسا والبلقان وتأثير اللغة والتاريخ فيها.
الشعر الآن:
رددت الصحف أخيرا قولا للأديب الفرنسي جيد: (إذا وجد في أي بلد شعراء مجيدون وإذا احب أهل هذا البلد قراءة الشعر، فاعلم أن النظام السياسي هناك نظام صالح قويم. أما إذا خلا البلد من الشعراء والنوابغ، وإذا عزف الناس عن قراءة الشعر وترتيله، فاعلم أن