النظام السياسي هناك نظام فاسد معوج. وفي البلد الأول قلما تقوم الثورات والقلائل، وفي البلد الثاني قلما يهدا الناس ويرضون عن حياتهم).
ويبدو لي أن الربط بين وجود الشعراء وإقبال الناس على الشعر وبين استقرار الأحوال واطمئنان الناس في حياتهم ٠يبدو لي أن هذا الربط يقوم على اعتبار الشعر ترفا فنيا وعلى ما يسود حياة الناس من هدوء بال وهناءة عيش فيقبلون على الشعر يلتمسون فيه المتعة الفنية او قلق وشظف فينصرفون عن هذا الكمال الفني إلى مسائلهم ومشاكلهم.
ونحن ولا شك من الفريق الثاني والناس عندنا عازفون عن قراءة الشعر من غير شك أيضاً ولكن هل عندنا شعراء مجيدون؟ يتوقف الجواب عن هذا السؤال على تعليل عزوف تعجبهم الضاعة الموجودة؟
أما الشواغل والقلاقل فهي متوافرة، وأما الإنتاج الشعري فليس من السهل إطلاق الحكم عليه.
أحسب أن شيئا من التبعة في كساد الشعر يرجع إلى أولئك النقاد الذين هبوا في فترة ماضية يعيبون على الشعراء العائشين في حياة الناس القائلين في مسراتهم وأحزانهم، ويدعون إلى التجارب الذاتية والتحليق الفني ولهؤلاء النقاد وجهة فنية سليمة إذا نظرنا إلى ما هالهم من التهالك على الرثاء المصنوع والتهاني النتعلقة وغير ذلك مما ليس بسبيل التعبير الصادق، ولكن كانت نتيجة تلك الحركة أن انكشف شعراء المناسبات عن الميدان، وإن كان لا يزال فيه من يوالون تزييف التعبير وقد أصبحت تفاهة صنيعهم معروفة. أما التحقيل فلم يلف أجنحة في اكثر أمره. . . . ومن حلق قصد إلى ترف المشاعر، مزورا عن مضطرب هذه الأمة النكوبة في حريتها وفي عيشتها. ونظر الناس إلى هؤلاء والى هؤلاء شذرا. لأنهم وجدوهم أما بعيدين عن الإجادة أو غير مسددين إلى أهداف المجتمع فكانوا عنهم معرضين وليس الأمر مقصورا على جمهرة القراء، فالإعراض عن قراءة الشعر يشمل الخاصة من المثقفين، ولا اخفي أنني قلما أقع على شعر يقرا، وأكلف نفسي أحيانا أن أقرا شعرا صابرا إلى نهايته ثم أقول في نفسي: أترى هذا الكلام ينشر إذا جرد من الوزن والقافية وكتب نثرا. .؟ والجواب مفهوم طبعا وأذن فنحن نتخذ النظم (جوازا) للنشر ليس إلا. . .