فَصُغْ مِنَ العَطْفِ قلوبَ الورى ... يا خالِقي أو قُدَّها من صُخورْ
مَنَحْتَني يا رَبّ هذا الفُؤادْ ... فكانَ لي كلَّ الأسى والشقّاءْ
يا ليتَ هذا القلبَ كانَ الجمادْ! ... وليت هذا العَقْلَ كان الغَباءْ!
أَينْدُبُ البُلْبُلُ أَخْدانَه ... ليَطْرَبَ الرَوْضُ وَأَفْنانُه!
وَيُنْشِدُ الشاعِرُ أشْجانَه ... لتُطْرِبَ العاَلَمَ ألحانُه!
رَبِّ حَرامٌ أَنْ تُقيم السّماءْ ... عُرْساً إذا لَفَّ البِطاحَ الدُّجى
وأَنْ يُشادَ المَجْدُ فَوْقَ الدّماءْ ... وَيَشَرَبَ الزَّهْرُ دموعَ النَّدى!
رَبِّ خَنَقْتَ الزَّهرَ غَضَّ لإِهابْ ... عَذْبَ الصِّبى يؤُذيهِ لَفْحُ الرّياحْ
فابعثْ إلهي النَّسَماتِ العِذَابْ ... تُداعِبُ الوَرْدَ وَتُحْي الأقاحْ
النَّرْجِسُ الرّفّافُ يا خالقِي ... كَيْفَ يُطيقُ الهَوْلَ والعاصِفَهْ؟
ارْحَمْهُ رَبّاهُ ولا تُرْهِقِ ... فإِنَّهُ في رِقَّةِ العاطفَهْ!
والبلبلُ المِسكين ماذا جنَى؟ ... هل يُحْسِنُ البُلبلُ غيرَ اللُّحونْ
لِمْ هَدَّمَ الإعْصارُ ما قَدْ بَنى؟ ... لِزُغْبِهِ بَيْنَ حَنايا الغُصون
هاهُوَ ذا يَسْتَصْرِخُ الظّالما ... لكنّما الظّالِمُ لا يَسْمَعُ
وَيلك كَفكِفْ دمعكَ الساجِما ... فالكونُ لا تَعْطِفُهُ الأدمُعُ!
خَلِّ البُكى والبَثَّ يا بُلْبُلُ ... لا يُطْرِبِ الإنْسانَ هذا النُّواحْ
تَنْدُبُ يضحَكُ الجَدْوَلُ ... فاحْجُبْ عَنِ الأبصارِ هذي الجراحْ
دمشق
أمجد الطرابلسي