الابتسامة أي منظر موحش. . .؟
قلت: (من تكون أيها الشيخ ومالي بك عهد؟) قال (أنا. . .؟ ما أشد حماقة الفتيان! أنا الزمان. . .! وإنما لي أن أسألك: ماذا تنشد بين هذه الأنقاض؟)
قلت: (في هذا المكان، أودعت شيئاً عزيزاً على، أنه قلبي؛ أفتدري أيها الشيخ أين ألقاه؟)
هنا في هذا المكان، كان لي أهل وأحبة وكان قلبي لديهم وديعة إن الدار لتشهد؛ فإني لأنشد هنا قلبي وشبابي وحبي. . .!
قال: (ويحك يا مسكين! أتسأل؟ الزمان أن يرد عليك ما فات. . .؟ إنك يا بني تؤمن بالحب فأسأل الحب - إن أجاب - أن يرد عليك ما استودعته. . .! ما الحب يا بني إلا خرافة؛ هل هو إلا ارق يراوح بين جنبيك ودموع تقرح بين جفنيك وانتظار يستلب شبابك من عمرك، وحنين يستغرق يومك من تاريخك وغيرة تسلبك الطمأنينة والقرار وشك ينبت في صدرك الشوك؛ وهل هو من بعد إلا الندم واللهفة والذكرى؟ أفرأيت شيئاً من ذلك يعدل ساعة من ساعات الشباب، أو يرد عليك سعادة من سعادات الماضي. .؟
هيهات يا بني هيهات. . .!)
ومضى الشيخ على وجهه وإن صدره لسراً. . .!
وعدوت في اثر الزمان أجاذبه السر فما بلغت إليه نفسي وغاب في جوف الظلام. ورجعت منكسراً لفان أنهنه أدمعي وأغالب نفسي
وإذا على الطريق شاب يبتسم
قال: (مرحباً بك يا صديقي أراك على حيد الطريق فأين أزمعت السير؟)
قلت: (أتراك تعرفني يا فتى؛ فمن تكون؟)
قال: (أنا. . .؟ ما أعجب أن تنسى! أنا رفيق صباك وأنيس أحلامك؛ أنا الأمل. . .! فما أشد أن ينكرني الشباب!)
قلت: (معذرة إليك يا أملي وإنما صرفني عن ذكرك هذاك الزمان!)
قال: (الزمان. . .؟ ويحك! وأين منك الزمان وما تزال في يديك أيامك؟ ألا إن الشباب ليصنع بيديه أيامه ويخط بيديه تاريخه ويملئ على الزمان مشيئته. . .! ألا إن هذا الشيخ الخرف الذي تسميه الزمان لعاجز أن ينالك ومعك الشباب والأمل!)