الذي ينتظره كغيره من أصحاب رءوس الأموال. وطال النزاع بين الفرقين وكل يصر على رأيه، على أن مديري الفرق اندفعوا يخرجون على مسارحهم الروايات الميلودرام المليئة بالمشاهد المفزعة، المثيرة للأعصاب، وحذرهم النقاد من مغبة الأمر ولكنهم مضوا في طريقهم غير آبهين لشيء.
والآن. . . ها هو الزمن يقول كلمته الحاسمة في الحكم على الفريقين أيهما كان أهدى سبيلا وأبعد نظرا، وهذا الفشل الذي مني به المسرح أخيرا دليل صادق وحجة قاطعة على إن مديري الفرق كانوا على ضلال، وان النقاد كانوا على حق في تحذيرهم. فلو أن الجمهور كان يتذوق حقا الميلودراما لكان مديرو الفرق اليوم من أثرياء العالم المعدودين، فقد ظلوا لا يخرجون إلا هذا النوع من الروايات، ولكان حال المسرح اليوم غير هذه الحال، ولكن هذا الفشل الذي أصيب به المسرح، وصيحات الاستغاثة التي يصم بها مديرو الفرق آذاننا، دليل قاطع على انهم لم يجدوا في الميلودراما كنز قارون الذي كانوا يتوهمون.
على أن جريرة مديري الفرق لم تقف عند هذا الحد فقد أبعدوا عن المسرح خير الكتاب والأدباء الذين خدموا هذا الفن الجليل منذ نشأته بأقلامهم وروايتهم فرفعوا من شأنه، ووجهوا أنظار الشعب إليه، وجعلوا له مكانة محترمة ومنزلة سامية في النفوس، وانفض هؤلاء الكتاب عن المسرح وما يزال مكانهم شاغرا إلى اليوم، وخسر المسرح بابتعادهم خسارة لا تعوض.
ومن الحق ان نذكر ان الحكومة ينالها من المسئولية فيما يصل إليه حال المسرح الشيء الكثير، فسياستها حياله كانت دائما سياسة ملؤها التردد والحيرة، وطابعها البارز الاضطراب والفوضى. فقد بدأت بأن أقامت مباراة للمثلين، ثم أوفدت أحد المبرزين فيها في بعثة فنية إلى أوربا؛ وكان المظنون أنها ستتبع هذه الخطة الحميدة في السنين التإليه، ولكنها عدلت عنها حتى اليوم وبقى الأستاذ زكي طليمات عضو البعثة الوحيد. على ان الوزارة عدلت عن طريقة المباراة السنوية وألفت لجنة تمر على دور التمثيل طوال السنة وفي نهايتها توزع مبالغ متفاوتة من المال على مديري الفرق وعلى الممثلين في حدود المبلغ المخصص لذلك.