وقامت الوزارة بإنشاء معهد لفن التمثيل، ثم ما لبثت أن الغته واستعاضت عنه بما سمته قاعة المحاضرات، ووضعت في السنة الماضية شروطا دقيقة لتوزيع إعانتها السنوية على مديري الفرق ولكنها لم تتقيد هي نفسها بالشروط التي وضعتها.
ولا ننسى قبل كل شيء أن ننوه بالمبلغ الضئيل المخصص لاعانة المسرح المصري إذ لا يتجاوز عشر المبالغ التي تصرف على دار الأوبرا وتقدم للفرق الأجنبية التي تفد للتمثيل على مسرحها في موسم الشتاء.
من هذا، ودون أن ندخلفي تفصيلات دقيقة أخرى، نرى مبلغ التردد وعدم الاكتراث في سياسة الوزارة حيال فن التمثيل حتى هذه المبالغ الضئيلة التي تقدمها للممثلين كل سنة على سبيل (الإعانة) لم يكن لها أثر، لضآلتها أولا، ولان الوزارة لم تشرف على نفاقها ثانيا، ومن يدرينا لعلها صرفت في أغراض شخصية لا تتصل بالفن في كثير ولا قليل؟
ومن العبث على ما أرى أن نطيل الحديث مع الوزارة فأنها إلى اليوم لم تنظر إلى المسرح وإلى فن التمثيل نظرة جدية، وأغلب الظن أنها إذ تقدم هذه المبالغ الزهيدة لرجال المسرح في نهاية العام تقول:(إنما نطعمكم لوجه الله، لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) وما دام هذا هو يقين الوزارة فكل حديث معها عبث محض وضياع للوقت فيما لا طائل تحته.
بقيت بعد ذلك بعض الظروف الطارئة التي كانت عاملا من العوامل التي ساعدت على اشتداد أزمة المسرح، منها هذه الأزمة التي اكتسحت مصر في السنوات الثلاث الأخيرة وشدت عليها الخناق، ومنها طغيان السينما الناطقة ونجاحها هذا النجاح الباهر الذي نراه ونلمسه كل يوم، ثم رخص الأجور في دور السينما عنها في المسارح مع فخامة ما نراه هناك على الشاشة الفضية، وضآلة ما نشاهده هنا.
ولعل من اشد العوامل التي كان لها اكبر أثر في المستوى الذي هبط إليه المسرح إخراج الأفلام المصرية وما لاقته من النجاح والإقبال مما ساعد أصحابها على موالاة الجهود وزيادة الإتقان في العمل ولفت أنظار الآخرين إليها، حتى رأينا بعض مديري الفرق أنفسهم ينصرفون إلى هذه الناحية الجديدة ويخصصون لها من المال والجهد أضعاف ما ينفقون في مسارحهم.
والجهد الذي يجب أن يبذل للنهوض بالمسرح لابد من أن يتناول كل هذه النواحي التي