لا يجد - لضعفه في العربية - مثيلاً لها في لغة الضاد. فالتوت لغة الترجمة وكثر ما غمد الناقد إلى الأسلوب أو التعبير الأجنبي فنقله بنصه دون مراعاة لروح اللغة التي ينقل إليها فغمضت على القارئ. وكثر ما دخل في اللغة العربية من كلمات أعجمية لم يستطع المترجمون أن يجدوا لها مدلولاً في لغتهم فطغت على لغة الكتابة والخطابة، واستعملها الناس في حديثهم دون شعور بأعجميتها. وزاد الطين بلة تلك الحرية الواسعة التي يتمتع بها المترجمون. وإنه ليسهل عليك أن تجد تعبيراً واحداً في لغة أعجمية نقل إلى العربية بأساليب متعددة حتى يعجزك رد هذا التعبير إلى أصله. ولقد تدهش أحياناً من أن كلمات عربية دخلت منذ حين في لغات أعجمية فإذا ما أعيدت إلى لغتها الأصلية أعيدت مشوهة. وما كلمة (الحمراء) التي نقلت إلى الأسبانية والفرنسية ثم عادت إلى اللغة العربية (الهمبرة) ببعيدة عن الأذهان، وإن الجرائد المصرية ليحلو لها دائماً حين تكتب عن (قناة السويس) وناهيك بما يعترض سبيلك وأنت تقرأ مجلة أسبوعية أو برقيات جريدة يومية من كلمات أعجمية لم يعمل المترجم فيها إلا أن كتبها بحروف عربية، وليته أعجمها حتى يستطيع الجاهل باللغة التي نقلت عنها قراءتها صحيحة، بل ترك للقارئ حرية الحدس والتخمين، وتركك تسمع في نطقها العجب العجاب. أو ليست كلمات رجيم ستراتيجية ومنوكل سامباتيك بوستة وابور شيري. . الخ. . . الخ. . . من الكلمات التي نقرؤها ولم نعد نهتم بها كأنما صارت من صميم الكلمات العربية؟
ولما كان لكل لغة قواعدها النحوية والصرفية واللغوية الخاصة بها فمن العسير أن تنقل من لغة إلى أخرى إلا إذا كنت ملماً بقواعد كلتا اللغتين وإلا تعرضت للزلل. ألا يستعمل العامة والخاصة فعل (أعطى) متعدياً لمفعول واحد فيقال: أعطيت الكتاب لفلان، كما يقول الفرنسيون ' في اللغة العربية متعد لمفعولين فيقال: أعطيت فلاناً الكتاب؟ أو لم تجر أقلام الكتاب باستعمال (لا) قبل (يجب أو ينبغي) إذا أريد نفي ما بعدها فيقولون: لا ينبغي أو (لا يجب) أن نفعل كذا والعرب تقول ينبغي ألا نفعل كذا وكيت وعليك ألا تفعل كذا وكيت؟
لقد نقل الخطأ الشائع وأضرابه بادئ ذي بدء من لم يكن متمكناً من اللغة العربية التي ترجم إليها ثم استعمله سواه من بعده ولم يلبث أن انتقل إلى أقلام الخاصة.