في كل أفق من آفاق الظنون بكل جناح من أجنحة الخيال، ثم يتصورني واحداً من أصحاب الضياع والقصور. لبست والله صديقي واحداً من هؤلاء. . ولكن إذا اتفقت معي على الفكر ثروة، فلا ضير من أن تسلكني في عداد الأثرياء!!
لقد حدثتك بالأمس عن مشكلة الأداء النفسي في الشعر، وحدثتك عن مشكلة الفن والحياة، وحدثتك عن مشكلة الفن والقيود، وبقي أن أحدثك اليوم عن مشكلتي مع الأستاذ الزيات. . ولست أدري أي خاطر طريف هذا الذي يلح على كمقدمة تسعى إلى نتيجة، أو كبداية ترمي إلى نهاية: ماذا يحدث مثلا لو تركت أصحاب المعالي وهاجمت الأستاذ الزيات، مدافعاً عن حريتي التي ظلمتها ودافع الود وأواصر الصداقة وروابط الوفاء؟ ماذا يحدث؟ ترى هل سيشفق الصديق الكريم على مستقبلي كمحرر في الرسالة، بعد أن أشفق عليه وعلى كموظف في الحكومة؟! هذا هو السؤال الذي ينتظر الجواب. ومع ذلك تبقي النهاية المتخيلة التي لم تخطر ببال الزيات، وهي أن إشفاقه على سيدفعني يوماً إلى أن أتحرر من أسر الوظيفة، وما كان أجراه أن يفكر طويلا قبل أن يشفق على، على أن يفكر طويلا في عواقب هذا الإشفاق!
هذه لفتة أرجو ألا تغيب عن فطنة الأستاذ الزيات. . ولا احسبني غالياً إذا قلت له إن مسلكه هذا سيرغمني يوما على أن أروع مكتبي في وزارة المعارف لأحل مكتبه في إدارة الرسالة؛ أن أروع مكتبي في وزارة المعارف لأحتل مكتبه في إدارة الرسالة؛ وأستطيع إذا ما قيل هذا اليوم المنتظر أن أفعل كما فعل فأهاجم خمسة وزراء خبطة واحدة، وليس بعيداً أن تلهمني الحرية أكثر مما ألهمته فأهاجم من أصحاب المعالي بدلا من خمسة. ويا ويل الوزراء من الأدباء الأحرار!!
نحن والديمقراطية الأدبية:
أنتم معشر الأدباء لستم إلا السراج الذي يقود الأجيال نحو الحياة الروحية الرفيعة، وأنتم حداة القافلة في كل عصر، تجبنونها مواطن الزلل، وتباعدون بينها وبين موارد الفتن ومزالق الأقدام.
هذه هي رسالة الأدباء في كل جيل، حتى أننا نقرأ في الأدب القديم فنجد أن كل أديب كانت له مدرسة تجمع حوله هواة أدبه الجم ويغدق عليهم من علمه الخصب، ويغرس فيهم طريقه