وهم مفتونون ببلاغته وأسلوبه في الحوار والمجادلة، وهم يغبطونه على سعة صدره وشجاعته وصراحته، يحمدون له رقة عاطفته وشفقته وسلامة طويته، وهم فوق ذلك يلذهم حديثه وتطربهم أقاصيصه ويأسر قلوبهم تواضعه وأدبه وسذاجته
وإنه اليوم ليقرأ منظمة فقد مر العهد الذي كان يتناول فيه أي كتاب يصادفه. هو اليوم يقلب صفحات التاريخ فليس ألزم منها لرجل السياسة؛ وهو يستزيد من القانون نصوصه وفقهه؛ وهو يدرس أحوال أمريكا من شتى نواحيها؛ يطيل النظر في تاريخ ساستها ويتأمل في مناهجهم في الإصلاح وأساليبهم في توطيد سياستهم؛ يستوعب ذلك كله ليسير على ضوئه فيما هو مقبل عليه. ومما استرعى اهتمامه يومئذ مسألة العبيد وتاريخها وتطورها ومكانها من السياسة العامة
يتخذ اليوم إبراهام لنكولن مكانه للمرة الثانية في مجلس مقاطعة النيوس وهو في السابعة والعشرين، ولا يدري هو ولا من يحيطون به من ممثلي الجهات في ذلك المجلس ماذا يخبئه الغد لذلك الرجل الطويل القامة، عامل البريد، مخطط الأرض، ابن الأحراج، ربيب العسر والفاقة ومحن الأيام!