وقد غصت في الأوحال، واندفعت في الخطيئة إلى أبعد مراميها!.
أجل كنت هكذا. . لا أعرف سبيل التوبة ولا طريق الغفران. . قل عني ما تشاء أيُها القارئ. . قل إني فاسق حقير سافل! ولكني تمهل قليلا حتى أسرد لك هذه القصة التي بدلت وجه حياتي. هذه القصة الفاضلة بين لذتي وزهدي بين غوايتي وهدايتي!. بين أغنية الشيطان وبين تسابيح وغفران. . . هي قصة حياتي أقصها كما هي.
(. . . حثثت خطاي الحمر. والجذوة الصارمة تفتك بي وتدفعني بقوة هائلة. . إلى هناك، إلى أحد تلك البيوت السرية المنتشرة في الجانب الغربي من بغداد. وكان معي صديق عزيز، يشاركني وأشاركه في كل شيء لا يتركني في أي لحظة. . . سار. . . من هو؟. . . أنه. . . الشيطان، ذلك الدليل الخبير!.
أجل سار معي إلى هناك في طرف بعيد منعزل، في محلة حقيرة من المحلات، يطلقون عليها اسم (محلة الذهب)، ولا أدري أسماها بهذا الاسم؟! ولم أطلق عليها هذا النعت؟! الآن الذهب يسيل من أصابع روادها، فيغور ويختفي في خزائن أهلها؟.
ودخلنا أحد المواخير، أنا وليلى. . . دخلنا متلصصين، دخلنا نطلب المتعة ونغوص في الآثام!.
وفي غرفة حقيرة، تكاد تكون مظلمة، لولا ضوء خافت يتأرجح من مصباح زيتي معلق في ركن من أركانها: جلسنا هناك على أريكة متداعية، راحت تئن تحت ثقل أجسامنا! ورحت أنقل بصري في أرجاء هذا الخداع، إن جاز لنا أن نسميه مخدعاً. وإلا فهو أشبه ببيت أرملة فقيرة أتت على البقية الباقية من مخلفات زوجها؛ فلم يبق منها ما يستحق الذكر، أو ما يستحق أن تبيعه! هناك سرير قديم محطم الأوصال مزعزع الأركان، عليه فراش قذر تمزقت أطرافه، وأطلت منها بجزع شديد بقايا من صوف أدكن، وكأنه امتزج بحفنات من طين.
وربطت فوق هذا الفراش ستارة بالية مهلهلة، توارى لونها الأبيض وحل مكانه لون قاتم سقيم. . وتناثرت هنا وهناك بقع جامدة كأنها عيون فاجرة، أو كأنها بصقات الشيطان.
وعلى الجدار. . علقت حصير صغير عض عليها الزمن فسلب ألوانها، وكأنها شعرت بهذا الخزي الفاضح فراحت تتلاشى في الجدار، وتختفي وراء صور باهتة ممزقة انتزعت من