مجلات عديدة. وفي طرف آخر، وقرب نهاية السرير، علقت مرآة كبيرة قد تخر الدود إطارها الأسمر، فأصبحت كخلية نحل مهجورة فباتت الصراير فيها وتصفر.
جلسنا هناك، أنا وصديقي، تفضي ليلة حمراء، ليلة صاخبة رعناء. وبقينا هنيهة جالسين، تنتظر شريكتنا وهي فتاة ممشوقة القوام، ريانة العود. اخترتها حين دخولي في هذا الوكر.
وران علينا الصمت. . . فبقيت أتملى في أرجاء المخدع. . . ماذا؟! لا أدري ماذا اعتراني؟! كأن عيني في تلك اللحظة لم تألفا رؤية هذه الأشياء، وكأنني لم أتردد إلى مثل هذا المكان من قبل. . . تخيلت في تلك اللحظة أن عيوناً ترقبني وتترصد حركاتي، وكأنني أرى وجوها تتطلع إلى باحتقار واشمئزاز، فأخذت أضغط على نفسي وأعتصرها بقوة، لعلها تهرب من هذه اللجة الطاغية، من هذه السور العاتية. . . أردت أن أفر من تلك الكابوس المخيف الذي استولى على في تلك اللحظة. . . عند ذلك، وفجأة امتدت يدي إلى جنبي وأخرجت زجاجة صغيرة بيضاء، لأغسل جوفي بما فيها من سائل أبيض كالحليب!. . . وبعد لحظات قصار شعرت ببعض الهدوء يسيطر على نفسي، وببعض الاستقرار يدب في أحاسيسي وهي تحرر في عنف وجنون. . . ولم أشعر آخر الأمر، إلا أنني أستفيق من شروري على كف بضة تمتد إلى برفق ولين فتربت على كتفي!. فرفعت رأسي قليلا وكأنني قد نسيت تماما أين أنا؟! وماذا أريد؟! ومن جاء بي إلى هذا المكان؟! ولكن. . . تذكرت بعد أن ارتفعت ضحكة ماجنة في فضاء الغرفة وإذا بها غانيتي التي ستشاركني ليلتي هذه. . . وكانت قد أخفت قسمات وجهها وراء أصباغ ومساحيق. . . وراحت نحو السرير بخطوات متعثرة واهنة واستقلت عليه بإعياء شديد.
وبقيت في مكاني، كأنني قد سمرت على المقعد، أو كأن أغلالا قوية قد ربطت جميع أطرافي. . . يا للهول!! ماذا أحس؟! وماذا أرى؟! زاغت نظراتي، إلى هناك، إلى تلك المرآة المعلقة على الجدار، فتطلعت إلى صورتي، إلى قسماتي!! وحملقت فيها مشدوهاً وفتحت فمي كالمرعوب، وأردت أن أنطلق بشيء، أن أزعق، أن أصرخ. . . ولكن. . . ولكن الكلمات احتبست في عنقي، وغاض السخط في نفسي. . . أتلك هي صورتي؟! تنطلق بالرجس والخسة، تنطلق بالشر والجريمة. . لقد أنكرت كل شيء، ورحت التفت حولي، وأردت نظراتي فسقطت لاهثة متعبة على جسد تلك الأنثى، ذلك الجسد الذابل