وغيرهم يستحقون عن جدارة أن تكرمهم الجامعة هذا التكريم الرمزي بأن تمنحهم شهادة الدكتوراه الفخرية اعترافا منها بالخدمات الجليلة التي أسداها كل منهم في ناحية من نواحي الحياة العامة).
وهذا اقتراح حميد في ذاته، وأنا أرجو أن تأخذ الجامعة بهذا التقليد، لا لأن الدكتوراه سترفع من قيمة هؤلاء الأساتذة، بل لأنه سيكون دلالة على أن الجامعة عندنا قد نضجت وإنها تحسن تقدير القيم الفكرية وتعترف للموهوبين بمواهبهم، وإلا فإن هؤلاء الأساتذة قد أخذوا مكانتهم في تقدير الأمة وفي تقدير الأجيال القادمة، ولن تستطيع أية دكتوراه في العالم أن تفرض لإنسان مكانة في هذا وان فرضت له مكانة في وظائف الدولة وأفسحت له مكانا في مكاتب الحكومة. . .
ولكني أرجو أن لا يتم هذا التقليد في هذه الاونة، لاننا في وقت أفسدت فيه السياسة الحزبية عندنا كل تقدير وكل تصرف، ولعل لنا في مسالة اختيار الأعضاء لمجمع فؤاد اللغوي اكبر عبرة، فقد رأينا كيف يختار فلان وفلان أعضاء في هذا المجمع، على حين ينسي ويهمل الذين هم أهل لهذا من العلماء والأدباء، ولولا أن أكون معيبا - كما يقول شيخنا الجاحظ - لضربت بالقول رأس فلان وفلان ممن لا يصح أن يكونوا من أهل هذا المجال قلامة ظفر، ولكن السياسة الحزبية أصرت على أن تربطهم رغم العلم والأدب بهذا المجال.
وكذلك الشان لو أن الجامعة أخذت بهذا التقليد المقترح، فإني أتوقع أن تجري الأمور على ما عرفنا وألفنا، وسينال الدكتوراه الفخرية كل من هو على شاكلة فلان وفلان، ولن ينالها أولئك الأدباء والعلماء والساسة الذين ذكرتهم.
يا سيدي. اترك الملك للمالك كما يقول أبناء مصر، وانشد مع المتنبي:
وكم ذا بمصر من المضحكات ... ولكنه ضحك كالبكا
بها نبطي من أهل السواد ... يدرس انساب أهل الفلا
فنحن في كل أمورنا ما زلنا نأخذ بهذه الأضحوكة، نجعل تدريس انساب العرب لكل نبطي أعجمي من أهل السواد، ونعوذ بالله من انعكاس الأوضاع، وانتكاس الأوجاع.